Quantcast
Channel: ترجمة –كُتب وكُتَّاب
Viewing all 19 articles
Browse latest View live

الطاحونة الحمراء.. للروائية “زابيل يسايان”

$
0
0

ترجمة: ياسر شعبان

هاجس كئيب دوخني بمخايلته القاتمة. كانت روحي، وهي معلقة بشهيق كئيب، في قلب عالم مراوغ. هناك، كان كل شيء أسودَ. أرواح حزينة تنزلق عبر الفضاء مثل سرب من الخفافيش. خلفي ترانيم جنائزية؛ رائحة قلوب محترقة تكاثفت في الظلمة. هناك، دقات القلب ترددت محدثة إيقاعًا مريعًا يشبه صيحة البومة. أصبحت أنا، أيضًا، قطعة من هذه الظلمة، عالقة في غموض أبدي ابتلع الفضاء بأكمله. كذلك، تجولنا، دون حتى أن نشعر بالظلمة. وفي عمقها، كانت البنايات الضخمة ترفع قواعدها لتدعنا نمر عبرها دون مشكلة. وثمة همسة في الأجواء قادت رحلتنا، التي تحولت إلى رقصة، رقصة مخبولة أحادية الإيقاع لظلالنا المتداخلة. يدًا بيد، تحلقنا حول شيء ما، باضطراب لا واعي يائس يخلو من المشاعر. شعاع لضوء بارد وشحيح في الفضاء، تتبدى أمام عيوننا طاحونة هوائية حمراء تتحرك. كانت طاحونة هوائية ضخمة، اختفت قمتها بين الظلال. ومع كل حركة ثابتة الإيقاع، يصل إلينا صدى صرير عجلتها غير المرئية، لينتهي بعويل طويل. تفجرت دماء حمراء من كل الجوانب، كما لو أنها تخرج من كل فتحة في هيكلها، معطية انطباعًا بأن الطاحونة الهوائية مكونة من دماء متجلطة. ومن بعيد، انفتحت أفواه بضحكات شريرة على نوبات النواح المتصاعدة من أعماق الطاحونة الهوائية. ماذا يمزقون هناك؟ ماذا يسحقون هناك؟ كان رقصنا أكثر هوسًا الآن، وشيئًا فشيئًا، كشف شعاع الضوء المتجمد هيكل الطاحونة الهوائية بوضوح أكثر. وعندئذ، رأيتهم يلقون القلوب بداخلها. يلقون ويلقون. يلقون تلك القطع السوداء والمثقوبة من اللحم، وكثير منها كان قد تفحم تمامًا وتحوّل فعليًا إلى لا شيء، بمعدل مُربك. فكلما قاموا بإلقاء المزيد، تزايد عدد الأرواح المتحولة لأرواح سوداء وحزينة. تعالت أصداء الهمسة، حتى طغت تمامًا على تداخل الصيحات والضحكات والأغنيات. كيف سمحت لهم أن يمتصوا وجودي بأكمله؟ كيف أن حقنهم أذابني ذرة بعد أُخرى؟ تابعت مشاهدة القلوب التي يقومون بإلقائها داخل الطاحونة الهوائية، وأحيانًا ما تكون بعض هذه القلوب طازجة وحمراء. شعرت بانقباض حاد، مثل تلاشي وجودي المتردد، فبين القلوب بداخلها، لاحظت أنهم يلقون قلبي أنا. تطلعت حولي، مرعوبة وبمشاعر متوترة، عندما رأيت عينيه بالأعلى تحركان الطاحونة الهوائية بنظرة منهما.

  • قصيدة نثر، كتبتها زابيل يسانيان، نشرت لأول مرة في مجلة (Anahid) عام 1898.
  • الترجمة الإنجليزية منشورة في مجلة Arrarat، في 28 سبتمبر 2011.
  • ترجمتها من الأرمينية للإنجليزية: جينيفر مانوكيان

باتجاه صقلية

$
0
0

ترجمة: ياسر شعبان

جلبنا القارب البخاري إلى ميناء صقلية، ولقد ملأتني تلك الليلة الأخيرة في البحر المتوسط بفزع شديد. فعند الاقتراب التدريجي من مكان وقوع الكارثة، تجاوز الواقع قدرتي على الفهم، لم أستطع فعليًا تصديق أننا صباح اليوم التالي سنصل إلى مرسين، أضنة، صقلية؛ تلك الأماكن التي قرأنا عنها طوال أسابيع، الأماكن التي استقرت بعقولنا. هناك، سنجد جرحًا مفتوحًا ينزف، ومجرد التفكير في لمسه جعل ومضة مؤلمة تسري بداخلي.

أحاطنا جو صافٍ ودافئ. وتحت سماء مُرصعة بالنجوم، كانت أمواج البحر المتوسط داكنة الزُرقة تضرب قاربنا البخاري بلطف. كان هناك صراع بين جمال الطبيعة الثابت الزاهي وبين الأفكار المؤرقة التي تتدافع بلا توقف داخل عقولنا. وأصبح هذا الصراع مرهقًا للغاية لدرجة أنه سبب لي ألمًا بدنيًا.

كانت فكرة الغوص عميقًا بقلب الكارثة تؤدي إلى شعور مقبض باليأس بداخل كل منا، ورغم أننا كنا نسير على سطح القارب صامتين حتى وقت متأخر من الليل دون الإفصاح عن مشاعرنا، كنت مقتنعة بأن كل عقل كل منا محاصر بنفس الفضول الشديد. على سطح القارب كان هناك الأتراك والأرمن.

وعلى نفس القارب كانت البعثة الثانية للبطرك وأعضاء الدائرة الرسمية العسكرية الثانية. كذلك كان هناك تجار مصابين وأقارب للضحايا، والذين كانوا يهرعون إلى الحطام لرؤية حجم الكارثة بعيونهم.

بقينا على سطح القارب إلى ما بعد منتصف الليل. وكثيرًا ما كانت زفرات القلوب المكلومة تصل لمقصورات الدرجة الثالثة بأسفل القارب. وعلى السطح، من الممكن أحيانًا رؤية القلنسوة السوداء لأحد الكهنة الأرمن في الضوء الباهت المنبعث من فوانيس القارب. وكان الجنود يسيرون كمجموعة، قريبين من بعضهم البعض، وكان بوسعي سماع أجزاء من حوارهم:

ــ كلما اقتربنا من مرسين، زادت حرقة القلب مصحوبة بألم لا تفسير له.

وأسفل سطح المركب، سمعت تنهيدة عميقة لمسافر، كما لو كانت إشارة لتأكيد ذلك التفكير.

وحدي في مقصورتي، كنت محاصرًا بالواقع الذي قد أراه يوم غد. وحتى تلك اللحظة، بدا الأمر كما لو كينونتي الداخلية كانت غارقة في ضوء غير مألوف، والذي بدلًا من منح أفكاري شكلًا محددًا، جعلها مشوشة وحجبها خلف غشاوة من الحيرة. وفي مثل هذه الحالة المحمومة للذهن، كانت هناك صورة تعاودني بإصرار مفتتة.

قبل شهرين، غادر رجال ونساء من الصليب الأحمر مدينة جلطا. كانوا أول المغادرين. وأمطرت السماء بشكل دائم على المدينة، وكانت ستامبول مغطاة بالرطوبة والضباب الرمادي وكل شيء جالب للحزن اللانهائي. وخلفنا، تعالت أغنيات حزينة بأصوات خشنة تقطر لوعة، قادمة من المقاهي بامتداد الرصيف البحري، مثل صرخات نحيب حادة من الألم.

كنا جميعًا شاحبين مثل الجثث، لكننا حاولنا دون طائل أن نبتسم في وجوه المسافرين. وبدأ القارب الإبحار. وكان وجه أحد الأمهات يتبدد تدريجيًا مع ابتعاد القارب. وإلى جوارنا، كانت ابنتها المراهقة تجاهد لتبتسم في محاولة لإخفاء كل ما تعانيه روحها الشابة من معاناة.

وهذا الخليط من وجه الأم المتبدد في الضباب الرمادي، والألحان الحزينة القادمة من المقاهي بامتداد الرصيف البحري، وهطول الأمطار -جامعة بين القسوة والسكينة بآن واحد- على المدينة، جلب إلى روحي شعورًا جعلني متوترة وغير قادرة على الوقوف.

وخلال طريق عودتنا، كنا جميعًا حزانى وغارقين في التفكير. وفي حلم أحمر، رأيت المدينة مشتعلة، والناس مبعدين لمكان قصي، والفتيات الغاضبات في ملابس الحداد والمشانق- المشانق في كل مكان!

وما كان حينئذ محض كابوس مبهم، سيصبح عالمي الواقعي خلال بضع ساعات.

توقف القارب البخاري. سريعًا صعدت للسطح. واعتقدت أنني أول من وصل هناك، لكنني وجدت الجميع قد تجمعوا. كانت وجوه الجميع شاحبة للغاية، وكانوا حريصين ألا تلتقي عيونهم المحرومة من النوم بعيون غيرهم من المسافرين.

وشَكَّل الجنود مجموعة فيما بينهم، ووقفوا يتطلعون لمدينة مسرين بانتباه وعيونهم ملآنة بالحزن. ونحو قبرص، بوجه شاحب يقطر حزنًا؛ أسفل قلنسوة مخملية سوداء، التفت أحد كهنة إرسالية البطرك.

بذات الوقت، اندفعت قوارب صغيرة باتجاهنا، وسارع الجنود بالنزول. تجاوزونا، محاولين تجنب نظرتنا، وسريعًا ودعونا ملوحين بحزن. كانت خطواتهم غير منتظمة، يغلب عليها الارتباك، وكان بوسعنا سماع أصوات احتكاك سيوفهم بالأرض.

وفي هذه اللحظة، كان من الصعب تقرير من كان حزينًا: نحن أم هم.

مسرين أمامنا. كانت أرضها المنبسطة الزرقاء تمتد نحو سلسلة من الجبال يغلفها الضباب، وكانت التوليفة اللونية لشروق الشمس تتحرك ببطء عبر ذلك الامتداد للبساطة الريفية. ومجددًا، أصبح كابوس الكارثة تفكيرًا بعيدًا، وكان بداخلي دافع لأبتسم لرؤية السماء المشمسة. لكن الإرسالية كانت مستعدة ومنتظرة، وكانت قواربنا على وشك الوصول.

وتفحصتنا الوجوه المتوترة الكئيبة، ليصبح كل شيء بداخلي قاتمًا.

كان للكهنة سمت الجدية والمهابة، كما لو كانوا متأهبين لجنازة ما. أصبحنا جميعًا أكثر شحوبًا. انقبض قلبي بحزن لا حد له، وشعرت كما لو أن أوردتي قد تجمدت.

فهؤلاء القادمون لمقابلتنا رأوا كل شيء. بعضهم فرّ من النيران والسيوف. كانت ألسنة اللهب المتزايدة تتراقص في عيونهم، ومنحت مرارة الذكريات كلماتهم سرعة مربكة. وفي هذه الدقائق القليلة، أخبرونا بأشياء عديدة. ورغم يأسنا غير المحدود، بدت كلماتنا لهم مليئة بتفاؤل لا معني له. هزوا رؤسهم وقالوا: ــ كيف بوسعكم أن تكونوا واثقين هكذا، وأنتم بالكاد قد غادرتم القارب؟

وعند وصولنا لمرسين، كان انطباعي عنها واضحًا للغاية. بدا الأمر كما لو أننا قد عبرنا الحد إلى واقع الموت. واستقبلنا الناس بحزن صامت. هزوا أيدينا ومروا أمامنا. صافحونا ومروا من أمامنا. فما الغريب بنا جعلهم لا يرغبون في الحديث معنا؟ ملتجئين لحزنهم، وقفوا معًا في مجموعة وتابعونا بعيون ممتلئة بالدموع.

كان الفندق الذي نزلنا به ممتلئًا بجميع أنواع الفارين. وهنا وجدنا كذلك البطرك وسرعان ما قدمونا له. وطوال اليوم، وبدا الأمر كما لو أنني أري كل شيء في كابوس: نسوة يرتدين السواد، أهل الضحايا الأوائل، ونحيب وتأوهات المجروحين، واليتامى والأرامل والذين تجددت لوعتهم عند رؤيتنا.

غدًا سنتوجه لأدضنة، لنكون بين الحطام. فكرت دون انفعال في الأمر، وأمضيت ليلة أخرى بلا نوم، وقلبي منقبض تحت وطأة الحزن. كان الليل باردًا. ورطوبة البحر الهائج أحاطت بالمدينة النائمة. كان هدير الأمواج يبعث الطمأنينة بداخلي، مثل قوافل من الجمال بطيئة الحركة في حركتها اللانهائية عبر الشارع، وصوت الأجراس يميز حركتها المتموجة.

  • مجتزأ من كتاب بعنوان (بين الحطام Amid The Ruins)، 1911، والذي تتناول فيها الكاتبة تجربتها مع كارثة مذابح عام 1909 في صقلية.
  • ترجمتها للإنجليزية: جنيفر مانوكيان.
  • المجتزأ منشور في 5 أكتوبر 2012، بمجلة The Armenian Weekly.

زابيل يسايان.. قلب أرمينيا

$
0
0

ترجمة: ياسر شعبان

رفضت مصطلح النسوية رغم أنهم يعتبرونها من روادها وكتبت لأجل المستقبل وتخليد ذكرى مذابح الأرمن..

زابيل يسايان.. قلب أرمينيا

“مدركون تمامًا أننا في خضم حرب، ورغم ذلك مستمرون في حياتنا الهادئة الروتينية”

                                                                                             جينيفر مانوكيان

لم يَكُن الأدب بالنسبة لـ “زابيل يسايان” بمثابة رفاهية، طريقة للتفاخر، أو طريقة لتمضية الوقت. كان الأدب بالنسبة لها سلاحًا تُجيد استخدامه لمواجهة الظلم. وعبر حياتها، كانت في مواجهة دائمة مع الظلم.

فبوصفها شاهدة على كفاح النساء في نهاية العصر العثماني، وعلى الحالة المُزرية للأطفال اليتامى بعد مذابح أضنة في عام 1909 إلى معاناة الشعب الأرمني من التطهير العرقي، استخدمت زابيل، بإدراك واضح لهدفها، قوة قلمها للكشف عن كل ما سبق.

وبدأ ارتباطها بالبحث عن العدالة في فترة مُبكرة من حياتها، فحتى وهي طفلة، جاهدت لتفهم تعامل أقاربها بلا مبالاة مع الظلم الاجتماعي الذي ترى مظاهره في كل مكان حولها.

ولدت زابيل هوفهانيسيان في مساء 4 فبراير 1878، وقضت طفولتها وصباها في Scutari (today’s Üsküdar)، إحدى ضواحي كونستانتبول على الجانب الأسيوي من البسفور. ولقد عاشت بجوار بساتين سلحدار The Gardens of Silihdar، التي كانت نموذجًا للكوزموبوليتانية المميزة لهذا العصر.

ولقد كان لكثير من الأشياء تأثيرات متساوية وباقية على الكاتبة الصغيرة، من بينها: القباب الذهبية اللامعة للمسجد القريب، الحواة الغجر الذين أبهروها بسحرهم، صوت الرجال اليونانيين وهم ينشدون في احتفالهم بالعام الجديد، وكذلك بهجة الأطفال الأرمن الصغار في تبادل الرش بالماء خلال مهرجا فارتافارVartavar.

وهي طفلة، كانت نحيفة وعليلة. وكانت حياتها مهددة حتى بلوغ التاسعة، ولقد مثل اهتمام ومحبة أسرتها كلها ذكريات عذبة عن هذه الفترة. كما هو الحال خلال تلك الفترة، كان جميع أفراد أسرة يسانيان يعيشون في منزل واحد، وشمل ذلك جدتها “لوسيج” وكانوا ينادونها بـ “دودو”، وخالاتها الثلاث: “ييرانيج”، “يوجابر” و”ماكريج”، وأمها “أجافني” وأختها الصغرى “ماتيلدا” وأبيها “ميجورديتش”.

وللجميع، بدا الأب “ميجورديتش” شخصًا غير مسئول، دائم المغامرة في مجال العمل مما تسبب في تراكم الديون عليه والتأثير سلبيًا على رفاهية أسرته. لكن بالنسبة لابنته الكبرى، لم يكن هناك رجل أكثر حكمة أو أحق بالإعجاب منه.

ولقد اعترفت زابيل بما لوالدها من تأثير هائل ومستمر عليها.

فلقد كانت مبهورة بتفاؤله في مواجهة الشدائد، بإيمانه بحق كل شخص في أن يعيش حياة كريمة، دون نظر لعرقه، عقيدته أو طبقته الاجتماعية، كذلك كانت مُعجبة إعجابًا خاصًا بمعرفتهم الواسعة. فلقد كان يُتقن العديد من اللغات، من بينها الأرمينية والفرنسية والتركية والروسية وبعض الجورجية، ورحلاته عبر القوقاز والأناضول، ونهمه الشديد للقراءة والذي أسر ابنته وعزز بداخلها نوعًا من الوله الذي لا يخمد.

ولقد استمدت منه ولعها باللغة. فلم تكن قد تجاوزت الرابعة، عندما بدأت تعلم القراءة وهو يحملها في حضنه. فلقد اتسم بالصبر والعطف وهو يعلمها كيف تنطق الكلمات، ولم يفقدهما في مواجهة أسئلتها المعقدة كفتاة شابة. فلقد اعتقدت في طريقة أبيها في تفسير العالم لها، وشجعها لتحقق هدفها بأن تكون كاتبة، وأكدت “زابيل” على تعاطفه والذي لم يكن معروفًا بين الآباء في هذه الفترة الزمنية؛ والذين كانوا يتطلعون لتزويج بناتهم وليس لدعمهن في مجالات الدراسة والعمل.

وكل تلك الآمال لأجل ابنته، ساندها بدعمه العام لتحرير المرأة، وهو الموضوع الذي شجع زابيل على تناوله في كتابتها. ورغم أنه غالبًا ما تتم الإشارة لزابيل يسيان بأنها كاتبة نسوية، فلقد رفضت هذا الوصف، وأعلنت ذلك مباشرةً:

“لم أصبح نسوية أبدًا. ولقد واجهت هذه القضايا بنفسي، لكنني لم أهتم مطلقًا بجميع المشكلات المتغلغلة في المجتمع المحيط بي؛ من عنصرية ونفاق وتفكير لا أخلاقي، والتي يحاصرني بها. صحيح أنني كثيرًا ما اضطررت النضال ضد كل هذا، لكن ذلك النضال كان داخلي الحافز وقويًا ودائمًا مكللًا بالنصر، لأنني لم أبتعد قيد أنملة عن المواقف التي كتبت عنها.”

هنا تضع زابيل الخط الفاصل بين الكتابة عن النساء وبين الكتابة للدفاع عن قضية النسوية؛ وهو العنصر الذي أصرت على عدم وجوده في كتابتها مطلقًا. وبالرغم من جهود والدها ليغرس بداخلها الاهتمام بالقضية الكبرى، فلقد ركزت اهتمامها على حقوق النساء بما لها من تأثير مباشر عليها. وكنوع من التدريب على الكتابة، اعتاد ميجورديتش أن يكلف ابنته بتلخيص رؤاه حول تحرير المرأة كتابةً، ومن بين أطروحاته الرئيسة أن المساواة من الممكن تحقيقها فقط عندما تحصل الفتيات على نفس الفرصة التي يحصل عليها نظرائهن من الذكور لاستكمال تعليمهن بعد المرحلة الابتدائية.

ورغم أنه ليس لديه وسيلة لشرعنة هذا النوع من التغيير ليتم تطبيقه على نطاق واسع، فلقد قام بواجبه للتأكد أن ابنته قد تلقت تعليمًا جيدًا.

وبواسطة الإشراف على قراءتها ومناقشتها فيما تقرأ، كان والدها بمثابة مصدرها الوحيد لتحصيل العلم والمعرفة حتى سن التاسعة، عندما بدأت تدرس الكلاسيكيات الأرمينية تحت إشراف قس سابق، كانت تدعوه بـ “جاراباد أجها”. ومن عاداته أنه كان يخبط المنضدة بالمسطرة في إيقاع منتظم، وكان يعلم الفتاة الصغيرة أن تقرأ النصوص الدينية بصوت مرتفع مع الحرص على سلامة النطق ومخارج الألفاظ. وكانت مفتونة بالشعر الموجود في مزامير وصلوات بعينها، وبما للغتها من هيبة وجلال، ورغم ذلك فلقد ذكرت في كتابتها عن تلك المرحلة وما تلاها، أنها لم تكن تشعر بأي ميل تجاه الدين.

في عام 1888، وهي في العاشرة، التحقت بمدرسة الصليب المقدس، مدرسة أرمينية مجاورة لمحل إقامتها، حيث تزايد اهتمامها باللغة والأدب. وعن تلك الفترة كتبت أنها خلال السنوات الأولى القليلة بهذه المدرسة كانت دائمًا من أسوأ الطلاب في مادة الكتابة، لأنها كانت ترفض الكتابة وفقًا للأسلوب الرومانسي الذي كان مُهيمنًا على الأدب الأرميني في هذا الوقت. فكانت بالكاد تكتب ثلاثة أو أربعة سطور حسب القواعد المطلوبة وكانت تسخر من الطلاب الذي يحصلون على درجات مرتفعة دون اهتمام بالحفاظ على أصالة وسلامة لغتهم الأدبية.

وفي عامها الثالث بالمدرسة، بدأ رفضها هذا ينضج ويتبلور، وبدت أكثر جدية في التزامها بالدراسة خاصة بمقررات الكتابة. وكان معلمها الأرميني “ميلكون جورديجيان”، وكان معروفًا ككاتب باسم “هرانت”، أول من لاحظ استعدادها لأن تصبح كاتبة. كان جارديجيان نفسه كاتبًا وله مشاركات متعددة في المطبوعات الأرمينية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، لكنه كان ناقدًا بارعًا للنزعة العاطفية والميل للهو المنتشرين في الكتابات الأرمينية في كونستانتبول خلال هذه الفترة.

ووجد في كتابة “زابيل” الإخلاص والبساطة وموقفًا مقاومًا مشابهًا لموقفه تجاه تلك الظواهر، واعتبر هذا أمرًا واعدًا.

وفي دروس الأدب الأرميني، كان “جورديجيان” يطرح على طلابه الصغار أفكارًا حول الظلم وغياب العدالة. وكوافد حديثًا إلى كونستانتنبول من الأقاليم الريفية، اهتم بأن يطلع طلابه على ما تعرض له الأرمن من قهر في الأناضول (غرب أرمينيا). واقترح عليهم روايات مثل (المُغفل THE FOOL) و(دافيد بك DAVID BEK) للروائي الأرميني (رافي Raffi)، لتساعدهما في الانتباه إلى ميزة التربية الحضرية، وذلك حتى يصبحوا قادرين على التعاطف مع نضال نظرائهم في المناطق الريفية، وذلك بهدف تنمية وعي وطني يتجاوز التقسيم بين أرمن الحضر والريف.

وكان لمثل هذه المشكلات أثر على وعي “زابيل” لدرجة أنها خططت لمرحلة ما بعد التخرج أن تغادر كونستانتبول لتستقر في إحدى القرى وذلك لتشارك أبناء وطنها من الأرمن معاناتهم، والقيام بدور في تشكيل مستقبل الوطن.ففي مرحلة المراهقة، احتفت بالحياة في المقاطعات الريفية وتعاملت مع التجربة الأرمينية الحضرية بوصفها تجربة غير أصيلة. ورغم استمرار اهتمامها بمثل هذه الأفكار، فإن حماسها للانتقال للأناضول قد تراجع بعد نقاش مع طبيب قادم من هذه المقاطعات الريفية. فلقد اجترح تصوراتها المثالية حول التضامن الوطني، فلقد شدد عليها الطبيب ألا تنسى أن تحمل معها صندوقًا من  الأمشاط، لأن علاج القمل مازال حاجة ماسة في هذه القرى.

ولم تتحدد ملامح خططها للانتقال للريف، لكن بعد الانتهاء من دراستها في مدرسة الصليب المقدس في عام 1892، لم تتوقف عن تنمية هذا الاهتمام بالاقتراب أكثر من القضية الوطنية. ففي مساء كل يوم سبت، كانت تذهب إلى صالون مدام ماتكيان، حيث كانت تلتقي قيادات الحركات الثورية، مثل أربريار أربريان، ليفون باشليان، أرشاج شوبانيان، والرسام ديركان يسايان؛ والذي ستتزوجه لاحقًا، بين آخرين كانوا يجتمعون لمناقشة الأدب والتعليم والسياسة. وعن تلك المرحلة يذكر “يسايان” أنها لم تنطق بكلمة واحدة طوال تلك اللقاءات، لكن مجرد حضورها، أتاح لها فرصة نادرة للإطلاع على كواليس عمل الحركة الوطنية، وتدخل إلى دوائر الثقافة والفكر والأرمينية لهذه الفترة.

وتنوعت قراءات “زابيل” خلال هذه الفترة، بالأرمينية والفرنسية، وكذلك مارست الكتابة بنفس الشغف. وبمجرد أن وجدت في نفسها الشجاعة لتقرر نشر كتابتها، وجدت الدعم من الكُتاب والمفكرين الذين التقت بهم في صالون مدام ماتاكيان. ونشرت أولى أعمالها في عام 1895 في جريدة أرشاج شوبانيان الأدبية، وهما قصيدة (غنائية لليل) وقصتان: (الفتاة العمياء) و(أرواح نسائية)، وتذكر (زابيل) أن تلك الأعمال جذبت الانتباه لها والاحتفاء بها.

ورغم أنها كتبت محتفية بشعر الرثاء للشاعر “بيدروس توريان (دوريان)” بالإضافة لاهتمامها بالروايات التي استبقت النظريات النسوية للروائية الأرمينية (صوروفي دوساب)، نأت “زابيل” بنفسها عن النزعة الرومانسية لأسلافها، والنزعة الوطنية لمعاصريها. وانطلاقًا من هذه الفترة هيمنت على كتابتها مشاعر الكراهية للنفاق والظلم والتناقضات التي تراها في المجتمع المحيط بها. ولقد شعرت بخيبة الأمل عندما سمعت أحد الكتاب المدافعين عن حقوق النساء في شتى الصحف والمجلات، عندما شكك في أخلاق صحفية شابة كانت تعمل في مناطق قريبة برفقة مجموعة من الذكور. ولقد وجدت “زابيل” متنفسًا لغضبها في الكتابة، وحاولت أن تستخدمها في فضح النفاق الذي تمقته.

واستكملت “زابيل” في باريس ما بدأته في كونستانتبول من عمل في مجال الأدب. وفي ظل القهر السياسي والمذابح ضد الأرمن، خاف والد “زابيل” عليها، خاصة في ظِل ارتباطها بأعضاء الحركات الوطنية. وكان اعتقال الكُتاب والمفكرين قد بدأ في منتصف تسعينيات القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى فرار كثير من الشخصيات التي قابلتها في صالون مدام ماتاكيان من كونستانتبول. ورتب لها والدها أن تكمل دراستها في السوربون وأن تعمل كمساعد محرر في القاموس الأرميني (أرميني- فرنسي) والذي صدر عام 1900.

وانتقلت “زابيل” إلى باريس في ديسمبر 1895 على متن قارب بخاري فرنسي. وعند عودتها إلى كونستانتبول بعد سبعة أعوام، تعرضت حياتها لتغير جذري: تزوجت وأنجبت طفلين، وكذلك نجحت في أن تصبح كاتبة مرموقة في الأدب الأرميني الغربي. ورغم تنوع كتاباتها في المراحل اللاحقة من حياتها،  ظلّ لطفولتها أثر بارز.

وخلال مرحلة التطهير الكبرى، تعرضت للاتهام بالانتماء للحركات “الوطنية” وتم اعتقالها في عام 1937. ولقد ماتت في ظروف غامضة، وهناك أقاويل بأنه تم إغراقها حتى الموت في المنفى، وغالبًا في سيبريا، حوالي عام 1943.

  •  جينيفر مانوكيان: متخصصة في الأدب الأرميني الغربي بجامعة كولومبيا. وترجمت العديد من أعمال “زابيل يسايان” آخرها مذكراتها (بساتين سلحدار).
  • مجلة: THE ARMENITE – APR 14, 2014

اثنا عشر بُرجًا لقراءة الكُتب

$
0
0

كتب: طه عبد المنعم

طه عبد المنعم
طه عبد المنعم

افتح الجريدة على صفحة التسلية وستجد نِكَت وكلمات المتقاطعة وأبراج. صدق أو لا، مُعظم الناس ينهي قراءة  الثلاث أسطر أمام كل برج متوقعين رؤية إذا كان هناك شيء سيخرج منها، هذه الحالة لا تحدث في حياتك كل اليوم. سواء كانوا معتمدين على النجوم أو لا، الطالع هو فضول يجعلك تتساءل عما إذا كان هناك شيء ما كالمصير، ناهيك عن فضولك لشيء مماثل لتوقعات برجك يحدث في الحياة الحقيقية، فيجعلك هذا متحمس قليلا. لست خبيرًا في الفلك، ولا أستطيع قراءة النجوم ولكن بعد القراءة عن علامات الطالع وخصائصها الرئيسية وتحولاتها المهمه، فكرت أنه من ممكن تطوير نوع من الأبراج التي يمكن أن تعطيك فكرة عن حياتك وقراراتك. لذا، كانت هذه هي الطريقة المناسبة لقول الكثير من الكلمات في بضعة أسطر، أن توصي بكتاب لكل برج ولتمكنك أن تقرر إذا كان الأدب يساعدك أكثر من برجك اليومي.

الحمل

لشخصية حيوية وسعيدة، أوصي بكتاب المغامرات “هي” لـ “رايدر هاجرد”. الرواية تجمع بين التقاليد الأفريقية القديمة الخاضع للاستعمار البريطاني، يستكشف ثلاثة رجال إنجليز إحدى القبائل الأفريقية التي يحكمها امرأة. هذا الكتاب سوف يعطيك نظرة أخرى للحياة ويفتح لك نوافذ على عالم مثير لكن مخيف.

الثور

لشخصية يمكن الاعتماد عليها وصَبورة، “الأستاذ ومارغريتا” لـ “ميخائيل بولجاكوف”. أقترح عليك قراءة هذه الرواية، ليس فقط لتفوقها في دمج حبكتى القصة، بل أيضًا للشخصيات. الكتاب يكشف الكثير من الأحداث الغامضة التي تتحول إلى أشياء، في نهاية المطاف، تحدث في حياتك. وتبقى في أفكارك وتترك علامات استفهام لأنه ليس لديك أي فكرة عن كيفية وسبب حدوثها..

الجوزاء

سوف تقدر الأرواح الشابة رواية “الحبيب” لـ “مارغريت دوراس”، والذي تكشف المؤلفة علاقتها العاطفية مع رجل غني صيني عمرة 27سنة. كلاهما يكذب بشأن سنة الحقيقي، هي قالت إن عمرها 17  بينما عمرها الحقيقي 15 سنة وهو يقول لها أن عمرة 32. سوف تجد الجوزاء الجريئة متعة في قراءة تجربة الفتاة الجنسية والإثارة الجنسية خفية. ووراء كل ذلك، سوف تكتشف أكثر، وأعتقد اعتقادًا قويًا أنها قصة سيغير طريقة تفكيرها.

السرطان

برج مثير للاهتمام، سمة هذا البرج أنه محافظ ولكنة أيضًا مقاتل. لذا أنصحه بمجلدين لرواية “الأحمر والأسود” لـ”ستاندال”. الكتاب يعطيك دفعة من الشعور بالتعاطف لحياة حرفي يحاول يائسًا التغلب على حالته في المجتمع الفرنسي. حياة مكثفة طوال الرواية.

الأسد

للشخصية التى تحب الصحة في كل الأحوال، ستستمتع بقراءة رواية “خفة الكائن التي لا تحتمل” لـ “ميلان كونديرا”. الكتاب يتآمر بالرموز ممثلة في شخصيات، ولكن الشخصيات يجهلون الرموز، حتى عندما يتعلق الأمر بالحب. ستجد كل شيء مقلق في البداية ولكنك ستفهم في النهاية أن الحياة ليست صعبه بهذا الشكل.

العذراء

لشخصية تسعى للكمال على ما يبدو لكن بشكل رومانسي. لذا أقترح عليك كتاب يساعدك لتفهم وتقرر ماذا بعد ذلك. الكتاب اسمه “الحب في زمن الكوليرا” لـ “جابريل جارثيا ماركيز”. في النهاية سوف تفهم أن لا شيء يمكن أن يكون مثاليًا، وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بالبشر، لأنهم في نهاية المطاف، للأسف، عرضة لإرتكاب الأخطاء.

الميزان

لشخصية مثالية ورومانسية. أنصح بقراءة ثلاثية هنري ميلر بمتعة كبيرة، سيكسوس، بليكسوس، نيكسوس. الكتاب يصف الخيال والواقع في نيويورك، التي يعيشها الكاتب المعروف بفضائحة. صحيح الحياة يمكن أن تكون ملعبك الخاص ولكنها غالبًا تجري الأمور في الحياة بالطريقة التي تنظر بها للأشياء. بعد قراءة الكتاب، ستجد أنه يمكن العثور على السلام في أكثر الأماكن فوضوية.

العقرب

لشخصية عاطفية وصادقة، وفي بعض الأحيان يوجه لها السخرية ونقد من الآخرين. أقترح كتاب من شأنه أن يأخذ عقلك عن الآخرين، ويجعلك تركز على “الغداء العاري” الذي كتبه “ويليام بوروز”. ستحب فكرة الرواية لأنه لا يمكن التنبؤ بها والأحداث تجري في أوقات مختلفة ومساحات أخرى مرة بعد مرة. الشخصيات جاهلة بما يحدث لها وغالبًا ما يهربون من الحوادث العادية بأكثر الطرق شيوعًا.

القوس

لشخصية فلسفية؛ بالتأكيد لن يرضيك أي كتاب. الشيء الجيد هو أنك شخص حسن ملاطف، لذا أوصي “العجوز والبحر” لـ “إرنست همنغواي”. بسبب طريقتك الطبيعة في تجميع  الدلالات، ستجد أنها مريحة وسهلة القراءة. بل أكثر من ذلك، سوف تتمتع بجميع الإشارات والصراع الداخلي للشخصية..

الجدي

لشخصية عملية ومريضة، كتابك هو بالتأكيد “وحوش غير مرئية” لـ “تشاك بوليناك”. في البداية سيجعل الكتاب مهتم بما يحدث، ثم ستتعرف أكثر على الشخصيات عندما تعرف الفكرة الفعلية للكتاب. ستجد بعض المتواليات صادمة بعض الشيء لكنها لن تكون مثيرة لاشمئزاز، الكتاب يناقش موضوع واقعية لإنسان يرفض جسمه. ستتعلم من كل شخصية الشعور بالحياة والصدمة.

الدلو

لشخصية إنسانية وواثقة من نفسها، أقترح قراءة “السيدة دولواى” لـ “فرجينيا وولف”. المؤلفة نجحت في تصوير يوما في حياة كلاريسا دولواى، الكتاب يستدعى أوقاتها الماضية. ستجد الشخصية مثيرة للاهتمام لأنها تكشف عن مشاعرها فى كل صفحة. الكتاب سيحدد لك أن تذكر نفسك أنك يجب الاستماع الى رغباتك الخاصة أكثر من الآخرين، اعتقد أنها طريقة صحيحة.

الحوت

لشخصية رحيمة وقابلة للتكيف. لهذا السبب فإنني أوصي بكتاب سوف يلمسك لأنه حول التكيف مع ظروف عدائية: “طريق طويل جدا”، لـ “سيباستيان بيري”. الشخصية تفقد كل شيء تقريبا إلا إيمانه، سيعجبك ممتعة وسهولة القراءة من خلال الممرات الصعبة في الكتاب. إنه خصيصًا لك، أوعدك..

أخيرًا هذه هي الاثنى عشر بُرجًا، سواء كنت تصدق في الطالع أو لا. أنا متأكد بأنك مهتم لماذا أنا نصحتك بكل هذه الكتب لك أنت فقط..

مقاومة المركزية.. مبادرات الإسكندرية تعزز المعرفة الثقافية

$
0
0

كتبت: رنا خالد

ترجمة: أحمد ليثى

 

تجربة فريدة تأخذك فى رحلة عبر الماضى، عند قيامك بجولة فى شوارع الإسكندرية القديمة، حيث العمارة اليونانية البديعة تهيمن على المبانى والمقاهى والمطاعم، ذلك عندما كان الجمال مزروعًا فى قلوب الناس، وأرواحهم وعقولهم، فعلى مدى قرونٍ عدة، كانت الإسكندرية عاصمة الثقافة والحضارة المصرية، كما كان السكندريون يُعرفون دائمًا بتذوقهم الفريد للفن، خاصة الموسيقى والمسرح.

لطالما إعتقدت أن الإسكندرية يجب أن تكون العاصمة الثقافية لمصر، ذلك أن عددًا من شباب الإسكندرية المهتمين بتعزيز وتطوير الصناعات الثقافية كانوا قد كرسوا جهودهم وأوقاتهم لإطلاق العديد من المبادرات والمشروعات التى تهدف إلى تعزيز وتقوية المشهد الثقافى فى المدينة الساحلية.

واحدة من المبادرات التى حققت نجاحًا ملفتًا فى الأعوام القليلة السابقة هى “ألكس أجندة  – Alex Agenda” ، مجلة تعمل بشكل أساسى كقناة تصل مواطنى الإسكندرية بالعديد من الحركات والمبادرات الفنية والثقافية المتنوعة التى تدور من حولهم يوميًا، هادفة بشكل أساسى لتشجيعهم على المشاركة فى تلك المشروعات بصفة منتظمة.

يقول أحمد عصمت مؤسس ألكس أجندة: “رسميًا، تعد ألكس أجندة مجلة ثقافية، لكنها ليست كذلك، أنها جسم حى يتنفس ويشعر، أنها أول دليل ثنائى اللغة فى الإسكندرية تهدف إلى التفاعل مع المجتمع، كما تهدف لتوصيل كمية هائلة من الأخبار، مع إهتمام خاص للمبادرات الشبابية، وريادة الأعمال، ووسائل التواصل الإجتماعى”.

يتابع عصمت: “ألكس أجندة مشروع شبابى يدار كاملًا من قبل 14 شابًا سكندريًا، يخططون ويحاولون تزويد المجلة ببرنامج شهرى لكل حدث فى المدينة وتوصيله للقراء”.

وتضيف منار حبشى، محررة وكاتبة بالمجلة: ” أن ألكس أجندة تعد ملف توثيقى لكل الأحداث الفنية والثقافية التى تدور فى الإسكندرية شهريًا، لكنها ليست مجلة تجارية، وتوزع فى معظم المقاهى والفنادق مجانًا، فمنذ إطلاقها فى أغسطس 2006، جذبت إنتباه المئات من مواطنى الإسكندرية المهتمين بالحقل الثقافى والفنى، وعليه، فإننا دائمًا ما نكون متحمسين للتواصل مع القراء عبر وسائل التواصل الإجتماعى، لدعم مبادراتهم ومشروعاتهم الجديدة”.

تواصل حبشى: “على أن هناك جانبًا آخر غير مجرد توصيل المبادرات للمواطنين، فألكس أجندة لعبت دورًا هامًا فى إيصال صوت مواطنين عاديين بالمسؤولين الحكوميين ونقل أصواتهم وشكاواهم، فقبل نحو من شهور قليلة، أطلقنا حملة ناجحة عبر صفحتنا بالفيس بوك، وسألنا المواطنين سؤالًا واحدًا، وهو ماذا تريد من محافظ الإسكندرية الجديد؟، وبالفعل تلقينا العديد من الشكاوى من القراء، والتى تتعلق بالقضايا ذات الصلة بالتراث الثقافى ونظافة الشوارع، وأرسلناها إلى هانى المسيرى، محافظ الإسكندرية الجديد، وقمنا بعد ذلك بنشر ردوده فى العدد التالى من المجلة”.

وفى رأيها، ترى حبشى أنه من الهام جدًا للعاملين فى الحقل الثقافى أن يتحركوا بعيدًا عن مركزية القاهرة، ويشرعوا فى إطلاق المشروعات الثقافية والمبادرات فى محافظات أخرى، من ضمنها الإسكندرية، كما قالت أن فريقنا يعمل حاليًا على مشروعات ثقافية ستنتشر فى جميع محافظات مصر، لكننا نفضل أن يبقى الأمر سريًا فى الوقت الحالى.

اليكس أجندة

وتحت عنوان “دعم التنوع الثقافى والإبداع فى مصر” تبنت مكتبة الإسكندرية مبادرة أخرى ناجحة، وذلك ضمن برنامجها بالتعاون مع الإتحاد الأوروبى. يسعى المشروع إلى دعم القائمين على الإدارة الثقافية فى مصر ووضعهم على الخريطة، ويستهدف دعمهم فى الأدوات المطلوبة لتعزيز أنشطتهم وتيسير قروضهم المحلية والإقليمية والدولية.

وطبقًا للموقع الإلكترونى للمبادرة، فإن فريقًا من الباحثين سيتحرون عن القائمين على الصناعات الثقافية فى الـ 27 محافظة من محافظات الجمهورية، ويصنفونهم بحسب مجال عملهم، وسيتم ذلك من خلال التواصل مع وزيارة السلطات المحلية، والمؤسسات الثقافية المركزية، والمنظمات غير الهادفة للربح، والجمعيات المحلية فى المحافظات المختلفة.

يقول عصمت: أن هذا البرنامج يهدف بشكل أساسى لتعزيز أسس تطوير القطاع الثقافى فى مصر، متضمنًا زيادة فرص الوصول للثقافة، وحماية التنوع لكل أشكال التعبير الثقافى، بحبسب اتفاقية اليونسكو لسنة 2005، كما يدعم البرنامج العاملين فى الحقل الثقافى من جميع أنحاء الجمهورية، ببرامج منهجية ذات تدريب تفاعلى، والتى أنجزت عبر المحاضرات والورش والمناقشات، والتدريبات العملية.

عقدت الورشة الرابعة الخاصة بهذا البرنامج فى شرم الشيخ، فى الفترة بين 18 – 20 مايو، واستهدفت مشاركين من الاسكندرية، والاسماعيلية، وجنوب سيناء، وبورسعيد والبحر الأحمر والسويس، فيما يلعب مركز حرية الإبداع، دورًا هامًا فى اعتماد الخبرات الشبابية فى مختلف المجالات، كالسينما والمسرح والباليه، والفنون الجميلة والموسيقى والرسم.

كما يدعم المركز – التابع لوزارة الثقافة – المبادرات الشبابية ويستضيف البروفات، بالاضافة إلى استضافته لحفل سنوى يكرم فيه المشاركين، ويختار من بينهم أصحاب الآداء والأعمال الفنية الأفضل.

يقول وليد قنوش، الرئيس الحالى للمركز: “أن المركز أُنشأ عام 2001، لكنه كان مقتصًرا على أنواع محددة من الفنون، لأن طاقمه الإدارى السابق كان يعتقد أن تلك الفنون الرفيعة لها مشاهديها ولا يمكن أن تكون متاحة للعامة، لكنه أًنتعش مرة أخرى من قبل إدارة جديدة برؤية جديدة، رغم أننا نواجه بعض المشاكل التى تتعلق بالدعم المالى”.

يضيف قنوش: “بالإضافة إلى استضافة المبادرات الشبابية، يهدف المركز أيضًا لإتاحة مختلف أنواع الفنون للناس العاديين، من خلال تنظيم أنشطة جذابة مجانًا، كما يدعم المركز أحداث سنوية مهمة، من ضمنها مهرجان المسرح السنوى للفرق المستقلة فى الإسكندرية، ومهرجان سنوى آخر للأفلام القصيرة، ويدعم ورش الشعر والسينما للأطفال بإنتظام.

يتابع: ” أنه من الهام جدًا أن نشرك المنظمات الخيرية والغير هادفة للربح فى عملنا، كما أننا متحمسون جدًا لزيادة الوعى السياسى والثقافى لدى الشباب، وإعادة الاعتبار لدور القصور الثقافية فى الإسكندرية”.

ومن جهة اخرى، يرى عصمت أن مصرغنية بالمشاهد الثقافية حاليًا، لكن مصر لا يزال لديها الكثير من الكنوز المخفية والمواهب الشابة التى تحتاج لرعايتها جيدًا، غير أنه يرى أن ذلك المشهد يعانى من عدم وجود ممارسات إدارية جيدة، فدولة بحجم مصر يجب أن يكون لديها استراتيجية ثقافية فريدة، كإنجلترا مثلًا، والتى تعد الأحداث الثقافية فيها مصدر دخل أساسى للدولة، كما يعتقد أن المشهد الثقافى المصرى يحتاج أفراد أكثر إستقلالية، وعلى المنظمات غير الهادفة للربح ان تدخل المشهد لتدعم خدمات بشكلٍ أكبر.

كما أكد على أن الفن والثقافة يعدان قوة مصر الناعمة التى يجب علينا أن نستثمرهما، وندعمهما إذا كنا نسعى إلى التنمية.

ورشة

 

نقلا عن الديلي نيوز المصرية

الأسرارالـ 17 الخفية لبيع الكتب فى المكتبات

$
0
0

بقلم : جيسيكا هلنجر

ترجمة: سماح ممدوح

 

بالنسبة لعشاق الكتب لا يوجد مكان أكثر روعة  من المكتبات المحلية، رفوف لا متناهية من القصص والشخصيات، نتمنى أن نمتلكها. هناك القليلون فقط من عشاق الكتب يتجولون فى ممرات المكتبات وهم يعرفون بالتحديد ما يريدون. وأيضًا هناك عدد قليل هم من يعرفون عن خفايا وأسرار طرق بيع الكتب بشكل صحيح. هذه الأسرار استقيناها من خبراء البيع فى المكتبات أو تحديدًا من يصفون الكتب على الرفوف:

1- القائم على البيع يُسهِل عليك المهمة عندما تسأله ما تريد بالتقريب وهو سيرشح لك أفضل الاختيارات.

الوافد إلى المكتبة عادةً يشعر بالحرج عندما يأتى لسؤال البائع أن يرشح له كتاب. وفى هذا الشأن يقول فليسى كوهين- صاحب مكتبة (بيركلى بباريس)- : ” بالرغم من شعور الإحراج من قبل عملاء المكتبة من هذا السؤال إلا أنه يعد السؤال الأكثر طبيعية، فهو سؤالى المفضل، فالأفضل أن يعطى العميل بعض القرائن عما يريد وسوف أرشح الأمثلة بشكل أفضل، وعندها يشعر العميل أن لديه المتسوق الخاص به”.

2- بائع الكتب ليس قارئ أفكار.

بائع الكتب يريد أن يساعدك فى العثور على كتابك، لكنه لن يستطيع فعل ذلك إذا كنت أنت نفسك لا تعلم اسم المؤلف، أو اسم الكتاب، أو حتى ما تريد قراءته أو ما شابه ذلك، فكثيرًا يدفع العملاء ببائع الكتب إلى الجنون عندما يأتون ويقولون: “أريد هذا الكتاب الذى لا أعرف اسمه لكنه ذو الغلاف الأزرق! ”

أو يقول بعض الكلمات الغريبة بحيث أن جوجل نفسه لن يسطيع مساعدته!!.

3-هناك من يقرأ ويتصفح كتب لا يشتريها!

مجرد تصفح؟ يمكن للعاملين فى متاجر الكتب أن يعرفوا العميل الذى يشترى كتابًا وهذا الذى يتصفحه فقط فى المكتبة، يقول “أورفان” -وهو أحد البائعين فى متجر الكتب- : “إن كتب الطبخ والفن هى التى يحدث فيها ذلك على الأكثر فالعميل يكدس أمامه مجموعة كبيرة من الكتب يتصفحها فقط ولا يشترى ولكننى أعرف الزبون الذى يفعل ذلك من طريقة اختيار الكتاب ولمسه والتقليب فيه. ”

4- بائع  الكتب يعرف ما إن كنت تتجول فقط لتعرف الكتب لتشتريها فيما بعد عن طريق الإنترنت.

فى السنوات الأخيره تراجعت نسبة بيع الكتب فى المكتبات التقليدية، وذالك لكثرة منافذ بيع الكتب عبر الإنترنت من أشهرها موقع أمازون. والتى غالبًا ما تعرض نفس الكتب لكن بأسعار أقل. وبعض العملاء يأتى للتجول فى المكتبة كما يحلو لهم لكن ليشتري الكتب من الإنترنت فيما بعد. وعن هذا يقول كنيث أدمندز -صاحب مكتبة- :” هذا النوع من الزبائن وأيضًا أصحاب المواقع، لا يحذرون وهم يفعلون ذلك فأغلب هؤلاء يلتقطون صورة للكتاب وشريط العنوان بهواتفهم حتى يستخدموها للبيع على الإنترنت مثل موقع أمازون والذى هو بمثابة صالة عرض للكتب بسعر أقل” وأضاف أيضًا: ” أن هذا مروعًا لأن من يفعلون ذلك عادةً هم أشخاص فى قمة الجهل.”

5- لعبة شراء الكتب وإرجاعها فى وقت لاحق.

“لقد اشتريت الكتاب الخطأ…….. هناك بعض القوانين الأساسية التى تنص على إمكانية إرجاع الكتاب بعد أسبوع من شراءه، إذا كنت اشتريته خطأ. وعن هذا يقول (كيت شين): ” كنت أعمل فى أكبر مكتبة بالعالم لبيع الكتب فى “تورنتو” لمدة خمسة أعوام وكنت أعرف إن كان هذا الكتاب قد اُشترى عن طريق الخطا فلم يُقرأ أم أنه قٌرِأ حتى بلى أو به شرخ فى كعبه”.

6- وضع الكتاب فى يد العميل.

وهذه خدعة البائع للحصول على العميل حيث يضع له فعليًا كتاب فى يده وبهذا تتم نصف عملية بيع الكتاب. وعن هذا يقول رودريجز: ” من المهم أن تضع البضائع فى أيدى الناس حتى يشعرون أنها ملكهم، حتى أنهم يشعرون بملمس الكتاب ويحبون رائحته بعد أن أصبح ملكهم”.

smiling female student with book in hands sitting in a chair in a bookstore - model looking at camera.

7- الإغراء بوضع المقاهى بجوار المكتبات.

العديد من المكتبات وخاصة المكتبات الكبيرة خصصت جزء كبير من المكتبة  ليكون مقهى ويقول “أليكس” -مهندس بريطانى-  : “أن إقامة المقاهى فى خلفية المكتبات أو فى أحد طوابق المكتبة هذا يشجع المتسوقين على زيارة جميع طوابق المكتبة والشراء أكثر”.

8- قسم كتب الأطفال يحتل موقعًا إستراتيجيًا مهم.

يقول أدموندز: “أن قسم كتب الأطفال عادةً يقع فى أخر قسم للمكتبة فى الخلف حتى إذا أراد الوالد أو الوالدة شراء كتب لأطفالهم هذا يستوجب عليهم المرور بالمكتبة كلها، ومنها نأمل أن يشد انتباه هؤلاء كتب لهم هم كانوا يريدونها”.

9- دفع بعض الأشخاص أو الشركات لوضع إعلاناتهم على رفوف المكتبة.

إن العديد من المحال التجارية والناشرين يدفعوا ثمن وضع الاسم أو العلامة الخاصة بهم بالرفوف والمساحات الأمامية ونوافذ المكتبات بنفس طريقة  شركات مثل بروكتر وجامبل، والتى تشترى مساحة تضع فيها إعلاناتها على علب حبوب الإفطار.

10- المؤلفون والخوف من كتب” علم الاجتماع”.

لا يريد أحد من المؤلفين وضع كتابه بجوار قسم كتب علم الاجتماع وعن سبب ذلك يقول الناشر “ألان رينزلر”: “لأن هذا القسم يكون جامعًا للعناوين الغامضة، والتى هى بمثابة قبلة الموت لمبيعات الكتب الأخرى”.

11- لصوص الكتب يحبون الكتاب المقدس.

يقول شين: “فى أكبر مكتبات العالم فى تورنتو كان الكتاب المقدس هو أعلى كتاب على لائحة الكتب المسروقة وفى كل العصور”. ويليها الكتب الكوميدية اليايانية والتى تسمى (مانجا)، والكتب الطبية باهظة الثمن، ويقول شين: أيضًا كثُر فى بعض الأحيان سرقة كتاب (هاروكى ماوروكى)، ولما كثُرت سرقة هذه الكتب نُقِلت إلى أرفف خاصة لا يصل إليها إلا العامل إذا طلبها أحد الزبائن بالاسم.

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

12- كراهية بائع الكتب للزبائن عندما يتركون الكتب فى غير مكانها.

ترتيب مكتبات بيع الكتب لّعملية شاقة” كما تقول “ديمى مارشال” -وهى صاحبة مكتبة فى أوستن بتكساس- ويضيف شين: “لابد وضع العميل للكتاب فى المكان الذى أخرجه منه إن لم يكن سيشتريه فالأمر أشبه بمحل الملابس الذى تجرب فيه بعض القطع ولا ترجعها فإذا جاء غيرك وجدها كومة على الرف غير مطوية.

13- الزبائن التى تتعامل مع مكتبة بيع الكتب كأنها مكتبتهم الخاصة.

يقول شين: “من الجيد أنك تستطيع الجلوس وقراءة فصل أو جزء من الكتاب حتى تستطيع أن تقرر ما إذا كنت ستشتريه، لكن أن تجلس وتقرأ الكتاب كله ثم تضعه مرة أخرى على الرف فهذا يضيع قيمة الكتاب، وفى هذه الحالة يجب على بائع الكتب أن يكون عدوانيًا بعض الشئ”.

14- الإنترنت شئ جيد.

قبل انتشار الإنترنت كان البحث عن كتاب لّعمل شاق “قبل الانترنت كان علينا البحث فى كل كتب طبعة معينة والتى كانت عبارة عن عدة مجلدات ذات الأغلفة السميكة” وتقول “ليز بروتى” -التى تملك ثانى أكبر مكتبة فى ميريلاند- : “لقد كانت عملية بطيئة وشاقة ولو وُجِد أى خطأ فى طباعة فهرس أحد الكتب أو أن العميل  أخطأ فى كلمة البحث، فهذا يكون من عسر حظنا “.

15- هذا العمل جعلنا نحب الكتب أكثر.

يعتقد البعض أن الكتب الرقمية سوف تقضى على الكتب الورقية لكن هذا خطأ فالعديد من البائعين يقولون إن الكتب الإكترونية جعلت الناس تسعى مرة أخرى للكتب الورقية، وتقول “ليز بروتى” : ” لقد لاحظت فى العاميّن الماضيين أن الناس يأتون إلى مكتبتنا ويتعاملون مع الكتب بشكل عاطفى أكثر عن طريق لمس أغلفة وأوراق الكتب وشم رائحتها ” وتضيف: “أنه رغم توافر البدائل إلا أن هذه البدائل زادت من تعلق الناس بالكتب القديمة الورقية”.

16- بعض بائعى الكتب يمكنهم التعرف على الكتب من رائحتها.

البائعون لهم طرق خاصة فى التعرف على الكتب، يقول كوهين: “إن للكتب روائح من الفانيليا، أو اللوز، أو القهوة”.

17- بيع الكتب ليس فقط من أجل المال.

فى الحقيقة أن معظم بائعى الكتب لهم وظائف أخرى غير بيع الكتب، أو لديهم دعم مادى من عائلاتهم” لأن من المؤكد أنه عمل شغوف للجميع” ويضيف مارشال: ” أننا لا نفعل ذلك من أجل المال، أو السلطة، أو الجاه، لكننا حقًا نحب الكتب ونحب أن يحصل الناس عليها”.

أساطير حول «ليوناردو دافنشى»

$
0
0

بقلم \ كانديس رولنجز

ترجمة \ سماح ممدوح

 

” ليوناردو دافنشى ” والذى ولد قبل حوالى  262 عام قبل اليوم، دافنشى الذى كان وسيظل العالم مفتونًا بأعماله وحياته، والتى تعد لغزًا حقيقيًا بالنسبة إلى شخصية استثنائية، عبقرية، ومن أهم مشاهير عصره حتى يومنا هذا، رحل المبدع مخلفًا وراءه الكنوز المجسدة على كل مادة قابلة للتجسيد محولها إلى تحفة بديعة، على شكل لوحات فنية مرسومة، أو كتابات، وغير ذلك مما خلّف الفنان وراءه ولما كان دافنشى شخصية استترعلى العامة الإحاطة بكثير من جوانبها، جعله هذا الاستتار شخصية غامضة، ما جعله عرضة للعديد من الأساطير، والإدعاءات والنظريات، والحكايات المسلية، ولكن كل مامضى من هذه الأساطير هو محض افتراءات غير دقيقة مصدرها بالأحرى هى الثقافات الشعبية، وفيما يلى بعضا مما جادت به القرائح الشعبية من أساطير:

الأسطورة الأولى: ليوناردو مثلى الجنس (Gay.)

الشذوذ الجنسى بالنسبة إلى ” دافنشى ” الأسطورة الأكثر اشتهارًا والأكثر قبولاً أيضًا من بين جملة الأساطير المتداولة، والتى أيدها وبقوة ” سيجموند فرويد ” وذلك على الرغم من عدم وجود سبيل للتأكد من ميول دافنشى الجنسية، لكن أيضًا من المعروف أن مبدعنا لم يكن له علاقات عاطفية نسائية، حتى أنه لم يتزوج قط. وفى عام (1476 ) أُتِهم دافنشى (وبُرِء فيما بعد) بالمثلية الجنسية، وكانت هذه تهمة ربما تصل عقوبتها حد الإعدام فى فلورنسا. وبالنسبة لهذه الأسطورة فإن المؤرخين حاروا بين (ربما ) وبين ( من المحتمل ) لذا سيكون استنتاج مدى صحة هذه الأسطورة أنها صحيحة “ربما”.

الأسطورة الثانية: ليوناردو كان يكتب بطريقة عكسية لصياغة ” شفرة ” تمكنه من حماية أعماله وأفكاره وظلت هذه الشفرة مبهمة حتى بعد وفاة دافنشى باعًا من الزمن.

أما بالنسبة إلى مهارات دافنشى فقد كان رسامًا تصويريًا ليس غزيرالإنتاج فى هذا الدرب من الإبداع، إنما كان الجزء الأكبر من إنتاجه وهو على قيد الحياة عبارة عن مذكرات متخمة بالكتابات النظرية والعلمية والملاحظات والرسومات العلمية، والتى صاغ جميعها بعادته الغريبة فى الكتابة تلك حيث كان يشرع فى كتاباته بشكلٍ عكسى أو أنه يكتب للوراء، حتى يحتفظ بسرية كتاباته، ولذلك تحديدًا سبب شيوع كونه الفنان ذو الشخصية السرية الغامضة، وإن كان واقع الأمرهو أكثر من السرية والغموض بكثير، لكن من المرجح أن يكون دافنشى اتّبَع هذه الطريقة فى الكتابة لأنه كان أعسر اليد، فوجد أن هذه الطريقة أيسر فى الكتابة على الصفحات من اليمين إلى اليسار، أو من الإتجاه المعاكس كما ذكرنا آنفًا، أى إن كل ما يحتاجه الأمر لفك شفرات دافنشى مجرد  “مراءاة”. وكنوز دافنشى التى أورثها لنا من الكتابات النظرية وباقى ملاحظاته الأخرى ظلت لوقت طويل أسيرة أحد معاونى ليوناردو، مِن مَن كانوا يعملون معه وهو ( فرانشيسكو ميلز ) وكانت إرهاصات شروق هذه الكنوزإشاعتها أولًا حتى بقدر ضئيل فى الأوساط الفنية حتى خلال القرنين السادس عشر والنصف الأول من القرن السابع عشر، فابتداء من عام 1651 بدأت هذه الكنوز تظهر رويدًا. لذا سيكون الاستنتاج لمدى صحة هذه الأسطورة أنها خاطئة.

 

بب

 

 

الأسطورة الثالثة: تضمن أعمال ليوناردو لرموز “سرية ”

لن نخوض فى الحديث عن المشكلات التى تلت إصدار عمل الكاتب الأشهر “دان براون” وكتابة (شفرة دافنشى ) 2003 والذى تحول من بعد إلى عملًا سنيمائيًا، وبغض النظر عن احتواء الكتاب لبعض النظريات التى أتى بها دافنشى،  إلا أن الكتاب جاء ملئ بالأخطاء فى الواقع مثل “إدعاء كتاب دافنشى كوّن الفاتيكان به المئات من اللجان” وفى الواقع هذا غير صحيح ولم يأتِ به دافنشى ونستطيع التأكد من ذلك بالرجوع إلى السجلات التاريخية، أما بالنسبة إلى جوهر أعمال دافنشى فقد عمد الى تعريفات معينة حول كيفية استخلاص المعانى، والغرض من الفن فى عصر النهضة الإيطالية، أما بالنسبة إلى حياة دافنشى الفنية تحديدًا التصويرية فهى كانت إلى حدٍ كبير رهن المزاج العام مثل لوحة العشاء الأخير فى ميلانو، والتى رُسِمَت وفقًا لمتطلبات الزبائن متضمنة لمعانى مسيحية مطلوب نقلها لتُبلَغ كما يراد تبليغها، كان معظم الشخصيات التى ضمتها لوحات دافنشى هى شخصيات دينية وقد تفانى دافنشى فى الابتكار غير التقليدى لهذه الشخصيات ( باستثناء بعض تفاصيل الوجه خلف المذبح) عام 1480.                      وأيضًا الاستنتاج أن هذه الأسطورة خاطئة.

 

يي

الأسطورة الرابعة: الموناليزا هى بورتريه شخصى للفنان أو هى رجل فى هيئة إمرآة أو هى إمرآة صاحبة الكوليسترول العالى.

قال مارتن كيمب: “موسم الموناليزا السخيف لا يُغلق أبدًا والنظرات السخيفة حول هذه اللوحة وفيرة”، وهنا يمكن أن نسرد وبقدر معقول من اليقين أن ليوناردو شرع  فى رسم لوحة ” ليزا جيراردنا ” -زوجة تاجر الحرير- الذى قيل أنه صديق لليوناردو أثناء تواجده بفلورنسا عام 1503 لأسباب غير معروفة، وهو أيضًا لم يسلم اللوحة بعد الانتهاء منها لأى أحد، حيث أنها وُجِدت فيما بعد بحوزة مساعده فى العمل ” سالاى ” ( ولقد كان ذلك ظن بعض محبى ليوناردو مرة أخرى بدون دليل ) وليس هناك دليل على الاعتقاد بأن ليوناردو سجل أو رسم ملامحه الشخصية الخاصة، أو ملامح مساعده سالاى فى لوحة الموناليزا حتى اعتقد مؤرخى الفن بصحة هذا الإدعاء، إلا أنه لا يوجد دليل قاطع على ذلك، واستمر عمل دافنشى على هذه اللوحة حتى بعد عودته لفلورنسا ثم ميلان ثم إلى فرنسا. وهناك أيضًا نظرية حادت أو انحرفت عن التكهنات المعتادة قائلة بأن اللوحة هى تعبير ليوناردو عن حاضنته والتى كانت تعانى من ارتفاع الكوليسترول فى الدم، ويعتقد أحد العلماء الإيطاليين أن ليوناردو صوّر حاضنته مع إظهار المرض بها، لأن هذا كان شئ شائع فى أوساط فنانى عصر النهضة، والذين كانوا يصورون لوحاتهم كأنها صورعلمية مُفصلة تمامًا، كأنها إشاعة الرنين المغناطيسى، أوالإشاعة السينية. والاستنتاج بالنسبة لهذه الإشاعة أنها خاطئة أيضًا.

 

ءء

 

الأسطورة الخامسة: أن ليوناردو قدم صور المسيح على ” كفن تورينو ”

” كفن تورينو ” وهو أثر قديم من المفترض أنه الكفن الذى وريَ به جسد السيد المسيح بعد الصلب ودُفِن به، ووفقًا للأسطورة أن السيد المسيح بمعجزةٍ ما استطاع أن يطبع على قماش الكفن صورة له قبل أن يُبعث للحياة مرة أخرى، والإدعاء هنا أن ليوناردو زوّر صورة المسيح فى لوحاته التى رسمها للمسيح، وجعلها تتطابق مع صورته الذاتية، ومما يجعل من هذه الأسطورة صعبة التصديق هو أن حقيقة أسطورة كفن المسيح كانت موجودة قبل مولد ليوناردو بمائة عام. وأنا أعترف أنى لم أصدقها والاستنتاج بالنسبة لمدى صحة هذه الأسطورة خاطئ.

بببب

الأسطورة السادسة: أن ليوناردو كان نباتيًا

أن يكون المرء نباتيًا، هذا لم يكن شائعًا بل لم يكن واردًا أصلًا فى عصر النهضة بإيطاليا (بل هى مجرد سخافة كونهم ادعوا نباتية دافنشى) ولقد أُخِذ دليل على كونها إشاعة اقتباس أُخِذ من كتاب ” نوفيل ” أن الناس يأكلون اللحوم بمقدار ما يستطيعون أن يحملون, أنظر الكتاب صـ 227 ) وغالبًا ما يكون مرجع هذا الكتاب دافنشى نفسه، وهذا لأن لا شئ على الإطلاق من كتابات أوائل من كتبوا سيرته الذاتية، ذكروا أنه كان له عادات غير تقليدية بالأكل، ولكن ربما يكون هناك مصدر واحد موثق وهو رسالة كتابية من أحد معارف دافنشى كان يقارن بين الفنان والناس فى الهند الذين لا يأكلون اللحوم ولا يسمحون بآذية الحيوانات، لكن من المرجح أن النباتيين أرادوا اكتساب الفنان فى عاداتهم فادعوا ذلك حتى يكون دافنشى نصيرهم. والاستنتاج بالنسبة لهذه الأسطورة ربما يكون خاطئ .

الأسطورة السابعة: أن دافنشى اخترع  الدراجات، الطائرات الهليوكوبتر، والغواصات، والمظلات.

صحيح أن دافنشى كان مفتونًا بالميكانيكا، والديناميكا الهوائية، والهيدروناميكا، والطيران، والهندسة العسكرية وهو ما روج له فى رسالته الشهيرة الموجهة إلى “لودفيكو سفورزا” والذى كان يسعى للحصول على بعض الموافقات أو التصاريح من محكمة ميلانو، وكانت مذكرات وكتابات دافنشى تحتوى على العديد من التصاميم لآلات وأجهزة متصلة ببعض الاستكشافات، والتى  كانت فى معظم أجزائها ليست مجرد أفكارًا، لكن ليوناردو اعتبرها نظريات كافية لبناء والتشييد عليها فى الواقع، وفى حالة رسومات الدراجة فمن المحتمل أن تكون هذه الرسوم لشخص آخر، ومن الممكن أيضًا أن يكون مجرد تزوير حديث. وهذا الاستنتاج ليس خاطئ كثيرًا.

الأسطورة الثامنة: ليوناردو يصنع الروبوتات.

رغم ما يبدو عليه من غرابة الأطوار، وهذا لأنه إذا اعتبرنا أن الأجهزة المكانيكية والتى تبدو أنها تتحرك من تلقاء نفسها أن تكون روبوتات هى جزء من مخطط دراما الخيال العلمى لدافنشى، ليوناردو يبنى طائر ميكانيكى، يطير بإتجاه الحشود التى تجمعت فى ساحة الكاتدرائية ليبهرهم فى عيد الفصح، ويمكن الرجوع فى ذلك للسجلات التاريخية، ويشير التاريخ أيضًا إلى الأسد الذى صنعه ليوناردو للملك فرانسيس عند دخوله إلى ميلان عام 1509. ووصف بعض المراقبين للمشهد كالتالى:

عندما دخل الملك إلى ميلان وبالإضافة إلى وسائل الترفيه الأخرى فإن ليوناردو -أشهر فنانى فلورنسا- ابتكر طريقة جديدة للترفية، وهى جعل واحد من الأسود الرابطة عند أحد أبواب الميدان، بالتقدم والركوع تحت قدميّ الملك عند دخوله، وعندئذ يُفتح صدرالأسد ويخرج من قلبه كرات زرقاء كاملة من الزنابق والذهب وتتناثر حول أرض الميدان، وحينئذ وقف الملك مشدوهًا مستغرق فى المتعة. والاستنتاج لهذه الأسطورة أنها صحيحة.

 

القومى للترجمة يقيم معارض وفعاليات عن تاريخ قناة السويس

$
0
0

كتبت : نضال ممدوح

يقيم المركز القومي للترجمة، التابع لوزارة الثقافة المصرية، بالتزامن مع افتتاح قناة السويس الجديدة، مجموعة من الفعاليات احتفالا بهذه المناسبة، حيث يقدم المركز أهم ما أصدره من ترجمات تخص قناة السويس وما يتعلق بها من أحداث، وسوف تقام مجموعة من الندوات حول هذه الكتب تتضمن نقاشات يشترك فيها متخصصون فى التاريخ والجغرافيا، بالإضافة إلى عدد كبير من المترجمين، وتستمر الفعاليات طوال شهر أغسطس القادم.

كما يقيم المركز القومى للترجمة بالتعاون مع هيئة قصور الثقافة وقصر ثقافة الإسماعيلية ندوة لمناقشة مجموعة من الكتب تحت عنوان “القناى تاريخ وشخصيات” يتم من خلالها مناقشة كتب “رحلة الملوك، ديليسبس وقناة السويس، الإمبراطورية المصرية فى عهد إسماعيل، عاصفة على السويس”.

كما سيشارك مدير المركز الدكتور شكرى مجاهد مدير المركز، إلى جانب مجموعة من المترجمين والمتخصصين، فى مائدة مستديرة بعنوان “قناة السويس العبور الجديد”.

وأيضًا يقيم المركز القومى للترجمة معرضًا لأغلفة الكتب التي تتناول تاريخ القناة، بالإضافة إلى معرض للكتاب المترجم بقصر ثقافة الإسماعيلية فى الفترة من الثانى وحتى الثامن أغسطس.

 


أحمد أبو الخير يكتب: طه حسين الفرنسي

$
0
0

بقلم: أحمد أبو الخير

Ahmed Abo Elkheir

طه حسين. عميد الأدب العربي، مُجدد التاريخ، جَرس التنبيه لمستقبل الثقافة، صاحب أبو العلاء المعري، رفيقه. الناقد، القاص، الروائي. أخلع على الرجل ما شئت من الألقاب، فهو مُستحقها. العميد، الإسم الذي لم ولن يخفت بريقه مهما توالت الأيام، سيظل مُنجزًا فريدًا من نوعه في تاريخ الفكر والثقافة لا في الداخل فقط – أي مصر والوطن العربي – بل العالم أجمع.
حقًا، العالم كُله. وليس هذا نوع من التجاوز الغير مقبول، أو الإطراء الفائق للحد، وإنما تقرير حتمي لمكانة الرجل الذي ملأ السمع والبصر، الدليل :
التقارير الأخيرة التي أخرجتها الأكاديمية السويدية، فيها كان إسم العميد يتردد لسنوات طِوالِ على قائمة المُرشحين للفوز بنوبل، وكاد مرة – كما قالت التحليلات – أن يظفر بها، لولا النزاعات الطاحنة في مصر، والحروب التي كانت تخوضها ضد بعض الدول ومطامعها داخل الحدود الإقليمية، والأجندات الدولية المُغلِبة لفريق على آخر.

* * *

طِيلة حياته، كان يشتبك في مساجلات أدبية، وهذه النزاعات – المُرتدية ثياب الفكر – لا تزال تتردد في الأرجاء بعد مماته، مثل السوس الناخر في الخشب، يُريد أن يقوض بناء الجهل، ويفتح الآفاق للعقل البشري أمام تراثه القديم، ومنجزات الغرب، فيربط بين هذا وذلك ليُجدد ثقافته. العميد يضرب بمعول في أرض الثقافة، حرثها حيًا، ويقلب طينتها ميتًا.

الصبغة الفرنسية هي سمة أساسية في حياته، تعليمه، زوجته، ثم جُزء من روحه المبثوثة داخل مقالات كتبها بالفرنسية، منها جزء جمعها وترجمها د/ عبد الرشيد محمودي، ونُشِرت أول ما نشرت في أواخر التسعينات عن دار الهلال تحت عنوان “من الشاطيء الآخر”.
ولكن الشخصيات الثورية في حياتها تخلف ورائها مُنجزات متنوعة، لا تُدرك كُلها مرة أخرى، فها هم ورثة العميد يخرجون أوراق له مكتوبة بالفرنسية لم تٌنشر من ذي قبل، فيحققها ويترجمها عبد الرشيد أيضًا لتصدر عن المركز القومي للترجمة تحت عنوان ” أوراق مجهولة … مخطوطات طه حسين الفرنسية “، داخل طبعة تحمل اللغتين العربية والفرنسية.

* * *

أما لم يحمل الكِتاب اللغتين؟ فهذا؛ لأن عبد الرشيد يقول – كما أوجز في مقدمته –أنّه رأي فعل ذلك، حتى يحفظ النصوص من الشتات وبالتالي – أيضًا – يُتيح للباحثين كافة المواد المتاحة بين أيديهم، وهنالك سبب آخر أن يُتيحها للإطلاع على العالم أجمع ولا يكون الأمر مقتصرًا علينا – نحن العرب – في الإستئثار بما كتبه.
فكر طه حسين عالمي، غير محدود بمنطق الزمان والمكان.
النظرة على المقالات والمحاضرات داخل هذه الأوراق المجهولة – المكتوب معظمها على الآلة الكاتبة والآخر على ورق عادي، وكلاً منهما مُحمل بتصويبات وتعديلات عديدة- تُخبرنا بعالمية فكره، ونظرته الثاقبة في استشفاف المستقبل وما قد يحتاجه يومًا ما.

مقالة مشكلة الشرق – مثلاً – يتحدث فيها عن مشاكل المنطقة، التي سترى أنّ بعضًا منها لا يزال حاضرًا، سواء فعليًا، أو مُتخذًا قناعات أخرى، وأن المعضلات التي فتكت بالدول بعد الحرب العالمية الثانية ليست حكرًا على هذه الدول الكبيرة، وإنما نحن هنا نرزح تحت وطأة مشاكل تفتك بنا، من أكبرها مشكلة فلسطين الحاضرة دومًا. مشكلة شمال أفريقيا، فلقد كانت ذيول الإستعمار الفرنسي والإنجليزي لا تزال ممسكة بتلابيب بعض الدول، وتعمل على فرد أجنحتها علي أرضها.

الفكر التاريخي، النظرة المدققة على الأحداث ظهرت في الرسالة التي أرسلها إلى وزير تركي، يُحدثه فيها عمّا فعله الإستعمار العثماني لمصر، وأنّه قد جَلب نوع من الخراب العقلي والخواء الفكري علينا، بعكس الفترة السابقة له، ثم يخرج من خصوصية النظرة إلى رأي شمولي يطبقه على التاريخ المصري بأكلمه فيقول :
“… أن هناك ظاهرة ثابتة في تاريخ مصر، وهي أن من المستحيل بالنسبةِ لها أن تُنتج شيئًا مهمًا في حياة العقل إذا لم تتمتع بإستقلال فِعلي بدرجة أو بأخرى”.

الحادثة الشهيرة بسبب كتابه “في الشعر الجاهلي” والتي بسببها كاد أن يدخل السجن لولا حنكة وكيل النيابة الذي حفظ القضية، الحادثة في حد ذاتها كانت تطبيق فعلي وحقيقي على نظرية عند العميد، من موائمة الفكر الغربي وإستخدامه في دراسة أحوال الشرق ومنجزات التراث القديم، وفي هذه الأوراق المجهولة داخل إحدى المقالات يُحاول الربط – وهو رَبط يحتاج إلى جهد عقلي كبير – بين المعتزلة المعروف أنّهم يقولون بأن صفات الله لا تنفصل عن ذاته، أصل كُل شيء هو الله، وهو السبب في وجودها، لذا هو واجب وقديم، وبين الفيلسوف الألماني ليبنتز، المُتبع لفلسفة ” المونادات ” أي الذرات الحقيقة المكونة للأشياء، وهي عبارة عن ذرات روحية ليست مادية، وأخذ يحاول الربط بين الفرقة وفكر الفيلسوف، ليترك لك – عزيزي القاريء أو الباحث والمفكر- البراح للتفكير وإعمال العقل والجري وراء مقالته، فالبحث فيقول :
” وهل من قبيل المصادفة البحتة وجود هذا التشابه، وأكاد أقول هذا التماثل الكامل بين المذهبين؟ أم أن المعتزلة أثروا على ليبنتز من خلال الفلسفة المدرسية؟
ذلك سؤال لا أسمح لنفسي بأن أجيب عنه. ويكفيني أنني طرحته.”

الأوراق الأخرى لا تقل أهمية كذلك، فمنها التوصيات التي أقرها بسبب مشروع اليونسكو لترجمة الروائع، توصيات يُمكن إستخدام بعضها حاليًا للخروج من وطأة تكرار الترجمات، تحسين بعضها، ترجمة البعض الآخر الجيد، الغير مُلتفت إليه ومنظور ناحيته.

* * *

طه حسين لم يترك الصدفة أن تسير وراء منجزاته، ولم يؤمن بالجبرية المجتمعية التي من الممكن أن تفرض عليه أنماط في الكتابة معينة ومحددة، ، وأنّ إعتقاده كان يتمحور حول :
” .. وأنا لا أؤمن بحتمية التاريخ. بل أعتقد على عكس ذلك أن الإنسان سيد حياته ومسيطر على مصيره إلى حد ما”

 

«ورقة اللوتري»

$
0
0

ورقة اللوترى
بقلم: انطون تشيخوف
ترجمة: سماح ممدوح

كان السيد «إيفان ديمتريش» والسيدة «ميشا» زوجين يحسبان على الطبقة الوسطى للمجتمع، حيث أن دخلهما السنوى حوالى اثنا عشر الفا روبيل.
في ظاهر الأمر كان الزوجين يبدوان وكأنهما راضيين عن حالهما، حتى حدث لهم الحادث والذى هو بمثابة المحك المبيّن لمدى رضائهم هذا. كان يوم نشرت أرقام جائزة اليانصيب كالعادة في الصحيفة التى اعتاد السيد «ديمتريش» قرأتها بعد العشاء كل يوم. جلست السيدة «ميشا» والتى كانت من هؤلاء اللاهثون وراء تلك الجائزة، وتحت إلحاح منها اضطر السيد «إيفان» للبحث في جدول أرقام هذه الجائزة المنشورة في الجريدة أمامة وهو الذى لم يكن يوما مصدقا لهذه الجوائز.
مر السيد «إيفان» بأصبعة نزولا فوق عامود الأرقام وهو يتمتم بكلامات ساخرة من زوجتة صاحبة البطاقة، سأل السيد ايفان زوجتة عن الرقم المسلسل للبطاقة والذى كان”9,499 ورقم البطاقة 26 ”
وبينما السيد «ايفان» يبحث عن الرقم المنشود في شئ من الفتور، أو حتى على سبيل تأدية الواجب لزوجتة، فإذا بعينة تقع على الرقم المسلسل للبطاقة في السطر الثانى من العامود! يكاد لا يصدق عيناه من هول الصدمة، حتى أنه ترك الجريدة تقع على ركبتيه فلم تقوى يداه على حملها أكثر، واحس بأن أحدهم سكب دلوا من الماء البارد على رأسه، حتى أنه لم يكمل النظر إلى باقى أرقام البطاقة.
تلك القشعريرة اجتاحت كل أنملة في جسده، وذالك الخدر اللذيذ الذى سرى في أوصالة مع بعض الوخز في أمعاءة .
وصاح بصوتة المبحوح غير المصدق لما ترى عيناه:”ماشا….إن رقم البطاقة هنا 9,499 ”
نظرت لة الزوجة باحثة في وجهه عن تلك النظرة الدالة على ممازحة أو سخرية، لكنها ادركت أنه لم يكن يمزح. فنظرت إلى الجريدة المطوية فوق المائدة أمامه مبهوتة شاحبة وصاحت:”إنها أرقامنا بالفعل”
وبعدما راجعا مرة أخرى الرقم المسلسل للبطاقة، نظر الزوجين لبعضهما بتلك الابتسامة المشرقة كأبتسامة الاطفال، ذالك لان البطاقة التى يمتلكانها كان ترتيبها في الجوائز الثانى أي إنهم حصلا على جائزة قدرها 75,000 “خمس وسبعون ألف روبيل” وهو مالم يكن يمثل لهم الثروة فحسب إنما أيضا هو”الثروة والسلطة معا” .
خيم الصمت على الزوجين لفترة وهما محدقان ببعضهما، لم يكونا يفكران حاليا بالثروة أو ما سيفعلان بها أو حتى أين يمكنهما السفر مثلا، إنما كل ماكان يسيطر على أدمغتهم هو الرقمين الذهبيين رقم مسلسل البطاقة”9,499 ” والرقم الممثل لمبلغ الجائزة”75,000 ” .
بعد قليل أفاق الزوجين من الصدمة الأولى، وبدأت الأحلام تراودهما، أمسك السيد «إيفان» الجريدة وأخذ يزرع الغرفة طولاَ وعرضا عدة مرات. ثم قال:”أعلم أن هذه البطاقة ملك لك، لكن اتدرين ما أنا بفاعل إن كنت أنا مالكها؟ فهذه البطاقة لاتمثل فقط التغير للحياة إنما هى بمثابة النقلة لنا!. سوف اشترى أولا بيتا جديد بخمس وعشرون ألفا، وانفق عشرة آلاف على الأثاث الجديد، وتسديد بعض الديون القديمة وما إلى ذالك، أما الأربعين ألفا المتبقية سوف أضعها في حساب بنكى يسمح بصرف أرباحها”.
أضافت الزوجة مؤيدة :”نعم سيكون من الرائع شراء بيتا جديد، لكن لابد أن يكون في مكان ما فى،تولا أو اوريول ” فمثل ذالك البيت سيكون إستثمارا مربحا بالنسبة الينا”.
بدأ كلا الزوجين يسترسلا في أحلامهما عن رغد العيش الذى ستجئ به الثروة.
وازدحمت الأحلام الشاعرية في مخيلتهما. فأما عن السيد «ايفان» رأى نفسة وقد أصبح، أكثر ثراء، أكثر هدوء، وأوفر صحة.
تخيل نفسة وهو يحتسى شرابا صيفيا باردا وهو مستلقى على أحد الشطأن أو حتى في إحدى الحدائق الغناء تحت أشجار الليمون، رأى أيضا إنة أنجب طفلين (ولدا وبنتا) وتخيلهما بجواره وهما يتسليان ببناء القلاع على رمال الشاطئ المسترخى فيه، أو يصطادان الخنافس من الحديقة التى يفترش أسفل شجر الليمون فيها. ورأى أيضا إنه لاضير إن هو لم يذهب إلى العمل اليوم أوحتى لبضعة أيام، إنما سيسلى نفسة بالذهاب لقطف بعضا من نبات “عيش الغراب” أو حتى يقضى بعض الساعات في مشاهدة الصيادين وهم يرمون بشباكهم للصيد. وعند الغروب سوف يخضع لجلسة تدليك في حمامة والذى تغطيه السحب في السماء فقط، ليأتية بعدها مشروبه المفضل الشاى بالحليب. وفي المساء من الممكن أن يلتقى ببعض الجيران.
تخيل السيد «ايفان» الخريف بأمسياته المطيرة الباردة. ثم عاش خياله موسم الصيف في «سانت مارتن» وهو يمشى في الحديقة المطلة على النهر الملطف لحرارة الجو، كان يشرب الفودكا ويستزيد منها مع بعض المقبلات من عيش الغراب والخيار المخلل. وبعدها يتمدد على أريكة الحديقة ليطالع بعض مجلات الموضة والتى يستعملها أيضا كغطاء لوجهه حين يغط في النوم بعد قليل.
لكن صيف «سانت مارتن» يتبعة طقس غائم رطب كئيب، فالطقس هناك يكون مبللا بالمطر ليلا ونهار، كل شئ رطب ومبللا الليل، والخيل والكلاب، والطيور. حتى إن المرء لايستطيع الخروج من بيته مع كل هذه الرطوبة، مما يكون باعثا على الكآبة والإحباط.
عندها فكر في إنه لابد من السفر إلى مكان أدفأ من «سانت مارتن»:”لامفر من السفر خارج البلاد، ليكن مثلا السفر إلى جنوب فرنسا، أو إيطاليا ،أوحتى الى الهند….!”.
عبر السيد إيفان عن فكرته الأخيرة بصوت مسموع قليلا، مما جعل زوجتة ترد عليه
” لامفر من السفر خارج البلاد ، لكن أولا لابد من التحقق من رقم البطاقة فنحن لم ننظر سوا في الرقم المسلسل”
لكن السيد إيفان لم يستطيع كبح جماح أفكاره. وبدأت الأفكار تتصارع داخل رأسه لكن في جانب اّخر “ماذا لو سافرت هذه الزوجة معه؟ فهذه الزوجة لا يغيرها السفر، ولا تهتم بالرحلات ولاتعير إهتماما للمتعة اصلا…..!”
ارتعد السيد إيفان لهذه الفكرة وتصور زوجتة وهى جالسة في عربة القطار نادمة على كل مشترواتها التى ارتصت حولها فىي حقائب وسلال وطرود والتى انفقت فيها الكثير من الاموال، وهى تتذمر من القطار الذى أوجع رأسها.
أيضا فكر في إنها بخيلة سوف تحتسب كل مايصرفه، خاصة وهى مالكة البطاقة.. ثم إنها لو سافرت معه لن يستطيع التمتع بوقته، لأنها سوف تحبسه معها في غرفة الفندق المقيمين فيه ولن تسمح له بالخروج.
وفجأة رأى زوجتة وقد أصبحت مجرد عجوز تنبعث منها روائح الطبخ. في الوقت الذى مازال هو يافعا، ممتلئ بالصحة ومن الممكن له الزواج مرة أخرى.
أيضا تصارعت الأفكار تجاه عائلتها، والذى كان قبل الجائزة لايحمل لهم أية ضغينة، بالرغم من أن علاقتة بهم لم تكن قوية أو لم يكن يحبهم كثيرا. لكن بعد هذه الجائزة فكر في أنهم ما إن يسمعو بنبأ هذه الثروة التى هبطط عليهم من السماء سوف يحتالون على زوجتة كالشحاذين للفوز بنصيبهم من تلك الثروة، وإن لم تعطهم سوف يقذفونها بأقذع الألفاظ وينعتوها بأسوء الصفات.
“إنهم كالزواحف ”
“انها بخيلة ولاتعرف أي شيء عن الثراء” هكذا عبر عن زوجتة واهلها. قال هذا وهو يرمق زوجتة بنظرة كراهية وحقد، وأكمل
“سوف تدخر كل النقود ولن تعطينى سوى مئة روبيل”
لم تكن الزوجة وافكارها عن زوجها بأرقى من أفكاره هو عنها.
وربما فطنت هى إلى نواياه من خلال افصاح عيناه عن مكنون صدره. بالتالى لم تكن نظرتها إلية أقل حقد وكراهية
“من الرائع أن تحقق أحلام اليقظة على حساب الاّخرين لكنى لن أعطيك هذه الفرصة” هكذا دار الحوار في رأسها.
لابد وأن الزوج فطن إلى مايدور فى خلد زوجتة، فلقد فهمها لما رأء نظرتها له، حاقدة تشبة نظرته لها كارها.
لهذا قرر أن يهدم ويدمر أحلامها، فأمسك الجريدة وأخذ يتفحص الرقم مرة أخرى.
“نعم مسلسل البطاقة 9,499 لكن رقم البطاقة لم يكن 26 بل كان 46!! هكذا أعلنها متشفيا في زوجتة.
عندها أصبح السيد إيفان وكأنة اكتشف فجأة أن بيتة صغير ومظلم وسقفة منخفض. حتى إنه يضغط على أنفاسة.
وفجأة اكتشف أيضا أن العشاء الذى تناولة منذ قليل لم يكن يصلح للأكل وقد اثقل معدتة، وأن هذه الأمسية كانت طويلة وشاقة.
ايضا بدا عليه أنه اكتشف أن الغرفة التى يجلسون فيها غير نظيفة ممتلأة بالفتات والقشور
“إنه لخير للمرء أن يشنق نفسة على شجرة، بدل من جحيم العيش بهذا المكان” هكذا صاح وهو يغادر!!

من أين تأتيك الأفكار؟

$
0
0

ترجمة: سماح ممدوح

كثيرا ما يسأل المبدعين، من الكتاب بالتحديد، عن أفكارهم ومن أين أتوا بها. وعن ذلك يقول الروائى البريطانى (نيل جيمان):”كل أصحاب المهن يقعون في هذا الشَرك. الأطباء على سبيل المثال، دائما ما يُطلب منهم المشورة الطبية، المحامين يُسألون عن المعلومات القانونية، والحانوتى يسأل عن كيفية جعل مهنتة مثيرة، لكن الناس حينها يحاولون تغيير الموضوع سريعا. ويسأل الكاتب من أين تأتى بالأفكار.

في البداية كنت قد اعتدت إجابة الناس عن هذا السؤال إجابات ساخرة، فمثلا أقول”آتي بأفكاري من نادى فكرة الشهر، أو أقول آتى بأفكاري من متجر الأفكار الصغيرة بوجنور ريجسى، أو أقول آتى بالأفكار من كتاب قديم مغطى بالتراب، ومليئ بالأفكار أحتفظ به في قبو منزلى، أو حتى آتى بأفكاري من”بيت اتكينز”، (وهذا الأخير لا يعرفه الكثيرين ويحتاج مني تعريف) ف”بيت اتكينز” هو كاتب سيناريو، وروائي صديقي، وقد قررنا منذ زمن عندما سألنى نفس السؤال من أين آتى بأفكارى، قررت أن أقول انى استمدها منه هو شخصيا، ليرد علي بالمقابل بأنها كانت أفكارى أنا أولا، ومع الوقت، وجدنا أن هذا منطقى، نستمد الأفكار من بعضنا)
وبعدها مللت من الأجابات التى أصبحت أراها غير كوميدية. لكن هذه الأيام قررت أن أخبر الناس الحقيقة:
“أنا من أصنع أفكاري، أختلقها في رأسى”
لكن الناس لم تحب هذه الإجابة كثيرا، ولا أعرف لماذا. ينظرون إلي بعدم رضا، وكأنني أريد التخلص منهم سريعا. أو كما لو يكون سرا كبيرا، ولسبب معين خاص بي لا أخبرهم الاجابة الصحيحة وكيف أحصل على أفكارى.
بالتأكيد هذا غير صحيح، لأسباب، أولا: أنا نفسي لا أعلم من أين أتي بأفكاري، ما الذى يجعل الأفكار تخطر لي، أو إن كانت هذه الافكار ستأتى أو لا تأتى. ثانيا: أشك فى أن أي أحد يرغب في الاستماع لمحاضرة ثلاث ساعات تحكى عن عملية الابداع. ثالثا:إن الأفكار ليست مهمة إلى هذا الحد، حقيقة ليست كذلك، أي فكرة سواء كانت فكرة كتاب، أو فيلم أو قصة، أو مسلسل تلفزيونى.

كل كاتب واجه هذا الأمر، يأتى إليك الناس ليقولو إن لديهم فكرة. ودائما ماتكون أفكارهم متشابهة. ويخبرونك إن هذه الفكرة غير مسبوقة، فكرة قوية، وعندما تأتى لكتابتها، أو تحويلها رواية، تجدها عادية، (ربما حينها يمكنك كتابة هذه الفكرة او تحويللها رواية واقتسام المال مناصفة مع صاحب الفكرة).

أتعامل بعقلانية كبيرة مع هؤلاء الناس. وأخبرهم حقيقة إن لدي العديد من الافكار عن أشياء عدة تشبه فكرتهم. ثم أتمنى لهم التوفيق. الأفكار ليست فقط غير المسبوقة أو الصعبة، إنما هى كيان كامل.

خلق شخصيات يمكن أن يصدقها الناس، يفعلون أكثر أو أقل مما يحكيه الناس، لهو من أصعب الأشياء. وأصعب بكثير من هذا التصور البسيط لعملية الكتابة، التى يعتقدها الناس مجرد سرد كلمات بعد أخرى فقط، لكن العملية هى بناء ماتريد قوله بشكل يجعله مثيرا، وهذا ماسيجعله غير مسبوق.
لكن ما يزال الناس يريدون أن يعرفو كيف تأتيني الافكار. وفي حالتى، هناك من يريد أن يعرف ما إن كانت أفكارى تأتينى من أحلامي، والاجابة بالتأكيد لا، (منطق الحلم، غير منطق القصة)
ولناخذ مثلا، أخبر شخصا عن حلم رأيته مثل أن تقول، كنت في هذا المنزل، وأيضا رأيت مدرستى القديمة وكانت هناك ممرضة، وكانت تبدو كساحرة عجوز، ثم ذهبت بعيدا، وكان هناك ورقة شجرة ولم استطيع النظر اليها، وكنت أعرف أنى لو لمستها سيقع شيء رهيب) أحكى حلم هكذا وسترى كيف ستلمع العيون. لكن أنا إلى الان لم استطيع إعطاء إجابة مباشرة على هذا السؤال.

ابنتى “هولى”، ذات السبعة أعوام، أقنعتنى بالذهاب للتحدث إلى أصدقاءها في الفصل، وكانت المعلمة متحمسة جدا (فالأطفال كانو على وشك عمل كتابهم الخاص، أخيرا، وربما أجيء إلى الفصل وأحدثهم كيف يصبحون محترفين في الكتابة، واخبارهم الكثير من القصص، فهم يحبون القصص) وبالتالى ذهبت إليهم.
جلسو على الأرض، جلست على الكرسى، عيونهم معلقة تجاهى:
“عندما كنت في مثل عمركم، لم يكونو يريدون أن أحكي لهم عن الأشياء التى أفعلها. لكن اليوم، يعطوننى أموالهم لكى أحكى لهم، تحدثت اليهم لمدة عشرين دقيقة، ثم سمحت بالأسئلة.
في النهاية وقف أحدهم وسألنى:
من أين تاتيك الأفكار؟
عندها أدركت إنى مدين لهم بالاجابة، ليسوا كبارا كفاية لتميز الافضل. وهذا سؤال يبدو معقول، غير انه يسأل اسبوعيا.
وهذا ما اجبتهم به

“تأتيك الأفكار من أحلام اليقظة. تأتيك الافكار عندما تصاب بالسأم، فقط هناك فرق بين الكُتاّب، والناس العادين في ذلك، وهو أن الكُتاّب يلاحظون هذه الافكارعندما تأتى.
ستأتيك الفكرة عندما تسأل نفسك السؤال البسيط، السؤال الاهم، وهو” ماذا لو…؟”
(ماذا لو استيقظت في أحد الايام وقد نبت لك جناحين؟ ماذا لو وجدت أختك وقد تحولت إلى فأر؟ ماذا لو عرفت إن أحد معلميك، يخطط لأكل أحدكم في نهاية الفصل الدراسى لكنك لا تعرف كيف؟)
وهناك سؤال هام اخر،وهو، لو فقط…؟”
ماذا لو كان فقط دورك في الحياة، وكأنه دور في فيلم موسيقي هوليودي؟ ماذا لو فقط استطيع تصغير نفسى لأصبح بحجم زرار؟ لو فقط تقوم الاشباح بكتابة واجبى المنزلى؟”
وهناك اسئلة اخر مثل:، أنا اتساءل…
(أنا اتساءل ماذا تفعل عندما تكون بمفردها؟).
ماذا لو حدث هذا(ماذا يحدث لو بدأت التليفونات تتحدث إلى بعضها البعض من دون وسيط؟).
هل سيكون مثيرا لو( هل سيكون أمرا مثير لو حكم العالم بواسطة القطط؟).
هذه الاسئلة وكثيرا غيرها هى الأفكان، وبشكل أساسى، حيث تأتى الافكار. (بالنسبة لمسألة حكم العالم بواسطة القطط، كيف سيشعرون حينها؟).
الافكار لاتأتى بالحبكة، فالفكرة هى مجرد بداية الابداع، والحبكة عادة تأتى من تلقاء نفسها عندما يسأل المرء نفس الاسئلة حول نقطة البداية.
احيانا تكون الاسئلة عن شخصية مثل(هناك ولد يريد أن يعرف ماهو السحر) أحيانا اسئلة عن المكان مثل (هنالك قلعة في نهاية الزمان، وهو المكان الوحيد هناك…..) أحيانا تكون الأسئلة عن الصورة مثل (هناك امرأة تبين في الغرفة المظلمة المعبأة بأناس باهتى الملامح).
غالبا الافكار تاتى من شيئين متلازمين، ولا يأتيا إلا متلازمين، مثل( اذا عض ذئب أحدهم وتحول إلى ذئب أيضا، فماذا لو عض الذئب سمكة ذهبية؟ وماذا لو عض الذئب كرسي؟)
كل القصص هي عملية تخيل:
مهما كان ما تكتب، مهمتك أن تجعل الاشياء مقنعة، ومثيرة، وجديدة.
عندما يكون لديك فكرة، بعد كل ذالك وبدأت المشروع، فماذا بعد؟.
حسنا، حينها ابدء بالكتابة. ضع الكلمات واحدة تلو الاخرى حتى تنتهى. على أى حال.
أحيانا ينجح الأمر على هذا النحو. ولا تتخيل من الوهلة الاولى أنه ينجح دائما، فأحيانا لاتعمل الامور بهذه الطريقة، ولا تنجح، فترمى كل شيء وتبدء من جديد.
أتذكر منذ عدة أعوام مضت، كانت لدى فكرة عظيمة، قصة عن رجل الرمل، كانت الفكرة عن شيطان اعطى بعض الكّتاب والفنانين ومؤلفي الأغانى أفكارا تغير حياتهم مقابل جزء من حيواتهم، وأسميت القصة الجنس والبنفسج.
وبدت هذه قصة دقيقة، فقط حتى شرعت في كتابتها، اكتشفت انها تبدو كمحاولة الامساك برمال ناعمة كلما فكرت بإنى ملكت الفكرة أخيرا، أجدها تتسرب منى كما يتسرب ذالك الرمل الناعم من بين الاصابع ويختفى.
كتبت في الموعد
لقد بدأت هذه القصة مرتين الان، وما إن أصل إلى منتصف الطريق لنهاية القصة، حتى ينتهى الأمر عند هذا الحد، وأرى موت القصة على الشاشة أمامى.
رجل الرمل، هى قصة رعب كوميدى من نوع القصص المصور. لكن لم يسبق أن كتبت شيء تخللنى مثل هذه القصة. وأنا الان أوشكت على الاستسلام وعدم اكمالها.
الافكار التى ممكن أن أضعها على الوررق واكوّن منها قصص هي الشيء الذى يجعل منى كاتبا.
وهذا لا يعنى أنى أصحو مبكرا وأجلس في قطار مع أناس لا أعرفهم وأذهب إلى عمل أكرهه.
الجحيم بالنسبة للكاتب هو الورق الابيض، أو صفحة الشاشة الفارغة لا استطيع ملئها. وعلي ملئها بشخصيات لأناس ممكن أن نصدقهم، أو في قصة لم تحكى من قبل.
البدء في ملئ الصفحة البيضاء
كتبت فكرتى، فقد يأست،(اليأس، ربما هو شيء حقيقى آخر أستطيع أن أجيب به عندما أسأل من أين آتى بأفكارى ولا تعجبهم أيضا هذه الاجابة، اليأس والملل أيضا كلها اجابات حقيقية، وهى من الأشياء المهمة في الكتابة بجانب الافكار الاساسية، والقصص المحكمة الصياغة.
في النهاية ينصح نيل جيمان من يريد الاستزادة بمعرفة من أين تأتى الأفكار بقراءة كتابه الذى جمع فيه كل الاجابات عن هذا السؤال واسماه “ارض الاحلام”.

شيرين سامي تكتب: «صباح ومساء».. شي ما بيتنسى!

$
0
0

بقلم: شيرين سامي

 شي ما بيتنسى!

استعرت العنوان من أغنية فيروز “صباح ومسا”

 هذه رواية عن الفطام من الحياة، في مائة وأربعون صفحة من رواية «صباح ومسا» للروائي النرويجي «يون فوسه» الصادرة عن دار «الكرمة»، تمر حياة كاملة من لحظة الميلاد للحظة الموت، بهذه البساطة كُتب هذا العمل الأقرب لمسرحية شعرية ليخرج لنا من جراب السحر عملًا آخر زاخر بالمتعة، يأخذ من وقتك ساعات ويترك في نفسك هذا الإنطباع الذي يدوم للأبد من الدهشة.

 قراءة رواية لكاتب نرويجي لم تكن أبدًا في خططي للقراءة، ربما تحدث كل الأشياء الغريبة صدفة. أسلوب الكتابة في البداية كان أشبه بالمسرحية أو الشعر أو المسرحية الشعرية، نص متصل من حوار داخلي نبحر فيه عبر أفكار الكاتب عن الولادة، الحياة والموت، حوارات تبدو عادية لكنها تنغلق على أشياء عرفها الكاتب ولم يفصح عنها. تعتمد الرواية على حس القارئ وإحساسه وقدرته على التواصل الروحي.

 تنقسم الرواية إلى جزئين، الجزء الأول هو ولادة بطل الرواية “يوهانس” وما يحمله والده الصياد البسيط من مشاعر حيال هذه اللحظة العادية في تكررها، المميزة في فحواها، لحظة الميلاد، إحساسه بزوجته وطفله، وحتى القابلة العجوز التي تساعد الزوجة على الولادة، ربطه لحياته بهذه اللحظة بالماضي، بالحاضر في نسق شعري بسيط وموحي.  أما الجزء الثاني فهو اليوم الأخير في حياة “يوهانس”، العجوز، الطيب، العنيد. علاقته الدافئة مع زوجته الراحلة وعلاقته المؤثرة بصديق عمره “بيتر”، يظهر في النص عشق الكاتب للبحر والصيد والتفاصيل الصغيرة. تتضافر الأحداث اليومية مع إحساس يتضح تدريجيًا عن هذه الشعرة بين الأجساد والأرواح، البطل في هذا الجزء كانت روح البطل التي تفارقه بهذا التدريج المؤثر الساحر.

 تتكرر كلمة “نعم” في الرواية على نحو كبير، كما يتكرر تأكيد الجمل في كل حوار، كان هذا فخ ذكي من الكاتب الذي جعل من الحوارات أنغام رثاء، خالية من الجذب والشد المعتاد، نغمة واحدة رتيبة تبعث على الشعور أن ثمّة أمر غير عادي يحدث، إنها الوفاة، الروح في فطامها عن الجسد والحياة والناس.

 رواية خارقة للقوانين الروائية، حارب فيها الكاتب الإعتيادية وإبتكر شكل جديد من الكتابة البسيطة، المختزلة، المفعمة بالمشاعر. عمل ممتع وغير مألوف. جعلني في شوق لصدفة أخرى تجعلني أقرأ عمل بهذا الإختلاف. هذا العمل يستحق أيضًا الإشادة بترجمته البديعة التي أظنها شاقة لما في النص من غرابة وبساطة.

كارسون مكولرز على حافة الإنتحار.. حديث عن علم النفس وعقل الفنان

$
0
0

إميلي تمبل
ترجمة / أحمد أبوالخير
نقلاً عن ليتراري هاب .

كارسون مكولرز على حافة الإنتحار. حديث عن علم النفس، وعقل الفنان.

Ahmed Abo Elkheir

توفت كارسون مكولرز قبل خمسين سنة، وأيضًا تركت الحياة وهي في الخمسين من عُمرها، وخلّفت من ورائها جُسد ضئيل ولكن بُنيان قوي من العمل – وكل ما تركته من أعمال لهو مثير للإعجاب نظرًا للظروف الخاصة التي أبدعت فيها وكتبت. فلقد كانت تعاني من المرض طوال حياتها، تضمن ذلك حُمى روماتيزمية وسلسلة من السكتات الدِماغية التي بدأت معها حينما كانت لا تزال في الرابعة والعشرين من عُمرها، وهذا تركها مشلولة بشكل جُزئي في الجانب الأيسر من جَسدها.
عانت كذلك من إدمان الكٌحول والإكتئاب الحاد، وفي عام 1948م، بعد فترة وجيزة من إصابتها بالشلل، حاولت الإنتحار.
بعدها ببعض سنوات طلب منها، زوجها السابق وفي بعض الأوقات حبيبها، ريفيس مكولزر الإلتزام بإتفاق انتحاري معه. هربت، ونفذ هو وحده هذا الإلتزام.
ولكن قبل كّل ذلك، أرسلت مكولرز هذا الخطاب بعد خِتمه بخاتم البريد في 14 إبريل/ نيسان عام 1948م، إلى صديقها الطبيب النفسي الدكتور سيدني إيسنبرج، والذي تتأمل فيه وتفكر في المسؤلية المُلقاة على الطبيب النفسي تجاه الفنان، سواء أكانت الكِتابة نوع من الإضطراب العصبي أو علامة على الصحة والقلق بإعتبارة ركن أساسي في التجربة الإنسانية.

عزيزي سيدني،
وصلت إلى رسالتك الساحرة، حيث كانت مُناسبة وملائمة بطريقة مُحزنة. لم أستطع الرد حينها، لأنّ أية رسالة من الممكن أن أكون قد كتبتها ثم بعد ذلك صرخت من أجل الخلاص والنجاة[مما أنا فيه]. كُنت في عيادة باين ويتني النفسية – حيث مكثت هناك لمدة ثلاثة أسابيع مُريعة. فلقد ألقت بي، هذه الشهور الأخيرة المسلوبة بسبب المرض، داخل براثن حالة عاطفية، وحالة أخرى من الإضطراب. في ليلة، أثناء مناسبة من السوداوية العابرة جرحت معصمي بوحشية. أعتقد الطبيب بأنني في حاجة إلى الذهاب للمستشفي. لذلك كان عليّ الذهاب إلى باين ويتني.

هنالك كُنت في حالة من الخواء، غير قادرة على المحاولة لمساعدة نفسي. لم أستطع الكِتابة،
أو القراءة الهادئة، ولم يُكن مسموحًا لي بسِتار من الخصوصيةِ. كان الأمر مثل [كافكا] ولكن دون الأمل في الخلاص عند نهاية المطاف. عانيت بشكل كبير، وأخيرًا وصل صديق عزيز لي، وكان أيضًا طبيب نفسي، فقرر لأمي بأنّها من الممكن لها أن تأخذي بعيدًا.

ليست لديّ مُيول انتحارية، ولكنني لن أجرح نفسي مرة أخرى. كُنت فقط في فترة توتر شديد وخوف بعد هذا المرض الطويل. كُنت مصابة بتشنج في الأوعية الدموية والذي تركني ولا أزال مشلولة بعض الشيء. ولأجل طويل، سأظل قوية وعلى ما يُرام. أمتلئت بالمرض و [تكدست] بالمعاناة، وتقريبًا فقدت الأمل في الصحة.
أتساءل عن ماهية الشعور في أن تصير طبيب نفسي. فالمسؤلية المُلقاة عليك ضخمة جدًا. ألم تخف أبدًا في أي وقت مضى من هذه السلطة؟ كان هناك طبيب ماهر ولطيف في باني ويتني، ولكن رئيس الأطباء كان فلاح سويسري ويفتقد إلى هذا البريق من البصيرة – فلقد كُنت أخاف من التحدث معه. لم أختبر هذا الشعور بالعجز كما شعرت به هناك. أعتقدت بأنني لا أؤمن بشكل كبير في العلاج النفسي للأشخاص المُبدعين. فالسمة المميزة للفنان أنّه نِتاج صراعاته الداخلية. وأنا لا أريد تغيير الكِيمياء الداخلية عندي، على الرغم من أنني ربما أعاني [بسببها].
من السخف والسذاجة القول بأنني لا أؤمن بالعلاج النفسي – أعني بأنني أميل إلى الحفاظ على استيعابي، لنفسي – مهما كان الفهم هش وضعيف تجاه هذا الاستيعاب، وقدر الإمكان.

حدثني رئيس الأطباء في العيادة بأنني لم أكن أعمل على”مواجهة” صحتي العليلة واستجوبني عن دافعي حول المرض. عندما أخبرته بأنّ الكِتابةَ كانت هي حصني المنيع، أصرّ على أن العمل لم
يُكن كافيًا.
بالنسبةِ له الكِتابة هي (syllogistically ) مثل الإضطراب العصبي. بينما يبدو لي، أن أداء الإبداعي والفني، هو التعبير الأساسي عن الصحة التي أعترف بها.
يمكن القول على حالتي بأنّها حالة جسدية-نفسية. ولكن، بما أن موقفي العاطفي لن يُؤدي إلى
تغيير عيوب الأوعية الدموية، فأعتقد أن هذا أفضل لنسيان عيوبي والتركيز على شيء
مُتجاوب معي حيث يُوفر لي إمكانية لبعض العزاء والسلوى – ألا وهو العمل .

يهتم كُلاً من الطبيب النفسي والفنان الحقيقي بنفس الموضوع –حيث علاقة الفرد بحالته
الإنسانية. وفي هذا الموضوع – يَعتبر الأطباء النفسيون القلق بالنسبة للفرد على أنّه ” مُشكلة” عصبية – بينما أعتقد أن القلق هو مُكون رئيسي لظروف الوجود الإنساني. ولكن نخشى الإعتراف به نهائيًا.
هنالك دائمًا ميل نحو استعادة حالة اللامسئولية، هذه الحالة الحيوانية اللانهائية التي نفقدها عندما نعمل على المقامرة بمطالبنا في مقابل الروح والجوهر.
هل هذا يعني لكِ شيء؟

ماذا يعتقد زوجك فيم تكتبينه من روايات؟

$
0
0

مقالة لـ : جيمي كواترو
نُشِرت على موقع ذا باريس ريفيو في 16 يناير 2018 م
ترجمة : أحمد أبوالخير

Ahmed Abo Elkheir

جاء الربيع ليتفتح معه أول كتاب لي – مجموعة من القصص، كثير منها عبارة تفاصيل إيروتيكية ولكنها تظهر علاقة غرامية ناقصة غير مكتملة النضج- دُعيت للتحدث عنها في نادي كتاب يؤمه الرجال. تحمست لمثل هذا النادي المتواجد داخل مدينتي. أخبرتهم أنني أحب أن آت. يا إلهي، قراء من الرجال للأعمال الإبداعية يعيشون في الجنوب مُحملين بعادات أدبية مهمة وذات ثِقل !

عُقِد الإجتماع في منزل أحد الأعضاء. حيث ظهر حوالي نصف دزينة من الرجال. أخذنا نلوك الكلام داخل أفواهنا وبالطبع كان هناك هذا الحديث الصغير المتعاد. أكلنا طعام مكسيكسي جيد، وشربنا نبيذ إسباني ممتاز، وفي نهاية المطاف اتكأنا على المقاعد والكراسي حول طاولة القهوة. تحدثت في كلمة موجزة عن” العملية الإبداعية ” الخاصة بي، – وهو أمر طُلِب مني مناقشته – ثم فُتِح المجال لطرح الأسئلة.

انخرس الكل، ولم يتفوهوا بكلمة. ثم انتقل الرجال إلى الإستناد على وسائد جلدية وأخذوا ينقرون بأصابعهم على نسختهم الخاصة من كِتابي. كُنت مُتحمسة. ظل أحدهم يفتح ويغلق الباب المنزلق الخلفي للمنزل مع القليل من الصوت العالي له. حقًا أعتقدت بأنّه ربما لم يقرأ أي منهم الكتاب.

أخيرًا الرجل الجالس على الكرسي في الجانب الآخر من مكاني رمى بالكتاب على طاولة القهوة . قال ” حسنًا”، “سأقول فقط ذلك، أننا جميعًا تساءلنا بخصوص نفس الفكرة : ياله من جحيم، ماذا يعتقد زوجك في أعمالك؟”

لا أستطيع تذكر ما تسرب خارجًا من فمي. من المحتمل أن يكون ضحكًا وقولت أن” زوجي أول قاريء ودائمًا هو الداعم لي بنسبة مائة في المائة”، و أن هذا هو نفس المسار من الإجابة الذي اعتدت على اجتيازه طوال الأشهر المقبلة، عندما ظهر نفس التساؤل مرارًا وتكرارًا – من الأغراب بعد القراءة، من المعارف الشخصيين لي داخل المدينة. ما أتذكره هو ما حدث داخل عقلي: ما رأي زوجي في كتابي المتضمن لأي شيء؟

و : إذا كُنت كاتب ذكوري مبدع، أكتب عن الجنس المُحرم، هل يمكنك عندها سؤالي عما تفكر فيه زوجتي حيال أعمالي؟
* *
لنكون واضحين: ” ما الذي يفكر فيه زوجك تجاه عملك؟” لهو حيلة. خلف هذا التساؤل يختبيء السؤال الحقيقي: هل أنت، كمؤلف، تفعل نفس الأشياء التي تفعلها الشخصية ذات الطابع الأنثوي داخل نصك السردي؟ إذا كان الأمر كذلك، كيف يمكنك الإبتعاد عند الكتابة عنها؟ ألم يجرح ذلك مشاعر زوجك؟ ألم يضره؟ ألم يلبسك الخجل؟

فضول عام طبيعي يتولد حول العلاقة بين الحياة الحقيقة للكاتبة وحياتها داخل الإبداع. كيف يعمل الفنان؟. يمكن القول بأنّ هناك تملق وراء هذا التساؤل حول السيرة الذاتية : فحيث أن القاريء يشعر بأنّه لابد أن يعيش عبر الحدث، وهذا يُخبرني، جُزئيًا، أنني كتبت الأحداث بشكل مقنع له.
وبالنظر إلى أوجه التشابه بيني وبين بعض شخصياتي – إمرأة متزوجة، لديها أطفال، تعيش في الجنوب – أفهم كيف يمكن لبعض القراء افتراض أن هنالك نوع من شمولية العلاقة بين هاتين الحياتين، علاقة الأخذ والعطاء بين حياتي الشخصية وحياتي الإبداعية.
ولكنني لا أتناول هذه الأسئلة على أنها تملق أو مجاملة. بدلاً من ذلك، يشعرون وكأنها تعبير عن الشك تجاه قدراتي الخيالية كفنانة – بخاصة كفنانة تكتب عن الرغبة والإنتهاكات الجنسية النسائية .
كتبت عن امرأة تعيش في الجنوب مع زوجها وأطفالها وهناك تصارع السرطان. لم يسألني أحد القراء عمّا إذا كُنت مصابة بالسرطان. كتبت عن سيدة تعيش مع أولادها حيث زوجها مدمن بنزو بشكل انتحاري، وهي بشكل ما قد تخلت عن إيمانها الديني بسبب ذلك. لم يسألني أحد القراء عمّا إذا كان زوجي هو مدمن بنزو بشكل إنتحاري، أو إذا كُنت قريبة من فقدان والتخلي عن الإيمان الديني بسبب ذلك.
إذًا لماذا دائمًا الأسئلة المتعلقة بالجنس تٌصاغ كفضول تجاه إجابات زوجي؟ لندفن هذه الأسئلة داخل أربعة افتراضات غامضة:
1- إنّه لمن المهم والمثير للإهتمام التحدث عنكِ، كمؤلف خلف العمل ذاته، أكثر من النقاش حول العمل نفسه.

من الملفت للنظر كيف يمكننا التحول بنظرتنا بسرعة من الشيء الإصطناعي المخلوق إلى الفنان وعمله. عندما سأل والتر هوبر س. إس. لويس إذا كان فكر قبلاً في حقيقة أنّ كتبه “حازت على تقديسه”، حينها أجاب لويس ” لا يمكن للمرء أن يكون حريصًا جدًا على عدم التفكير في ذلك”.
عندما تسألني عن حياتي الشخصية، فأنت تتغافل عن هذه النقطة. ذلك الكتاب النهائي الذي أذعناه بين الناس في العالم – هو لؤلؤة ذات سعر عالٍ. إذا كُنا نتحدث عن أي شيء آخر، فهذا هو المكان الذي يُمكننا البدء من عنده.

2- أدركت أشياء مُحددة في عملك – المدينة التي تعيشين فيها، عدد أطفالك – لذلك كُل شيء آخر لابد أن يكون حقيقًا كذلك.

لا يهتم معظم الكُتاب بالكتابة حول ما يفعلونه في الحقيقة. معظمنا يكتب لمعرفة ما ستصير عليه الأشياء التي لم نفعلها. فرصة للتجوال داخل طُرق لم يتم اختبارها من ذي قبل.
حيث نعمل على حل هذه الأمور الملغزة، على صفحة الكتاب، والتي لم نصل أبدًا إلى حل لها في حياتنا. فالخيال الفني هو شيء قوي. الخيال هو كُل ما لديّ، وهو أداة الحرفة والمهنة. أشعر تجاهه بعمق، ووقائية مفتقدة إلى الرحمة. عندما يعمل القاريء على فرض أن الكاتبة بكل بساطة تسجل حياتها، فإن القاريء هنا يعمل على التقليل من موهبة الفنان الأساسية.

يبدأ الخيال صغيرًا، مع الحقائق المنمنمة، ثم بعد ذلك يترجمها إلى كذبة أكبر حيث تعمل في نهاية المطاف على كشف أكبر كم من الحقائق. ” لم يحدث لي أي من هذا، وكل هذا حقيقي” هكذا قالت والدة آن باتشيت.

3- الطريقة التي أشعر بها أثناء قراءة كتابك لابد أنّ تكون على نفس الشاكلة التي شعرتِ أنتِ بها أثناء كِتابته.

إذا شعرت بالخزي أو بالإضطراب أو بعدم الراحة أثناء قراءة إبداعي، فهذا أمر رائع بشكل دموي.
وهذا هو السبب في أنني أكتب: علامات سوداء على صفحة بيضاء تصل عبر الزمان والمكان وتؤثر بشكل واضح على نفس بشرية أخرى.
ولكن كيف يمكنك معرفة أنني شعرت بنفس هذه الأشياء أثناء العمل على المسودة؟
( أو أقل بكثير، ما الذي شعر به زوجي أثناء قراءة المسودات؟) الفقرات التي شعرت بأنها ” طائفية” أو” مشحونة إيروتيكيًا” إلى القاريء ربما تكون هي أكثر الأماكن التي شعرت عندها بأنها بعيدة أو مبهجة من الناحية الفكرية لتؤثر في عملية التأليف والإنشاء. و هذا هو بالضبط ما حدث لأن تلك الأماكن هي التي يكون فيها خيال الفنان حرًا، فيتحرك خلالها على هواه.

أخبرتني صديقة لي تكتب أعمال غير إبداعية بأنّها تشعر بنفس الشيء عندما يٌخبرها الناس بأنّهم يقدرون”الهشاشة” في نثرها. تود أن تقول،من المضحك أن أفكر بأنني كُنت عرضة للإنتقاد، لأنني عندما كتبت ذلك، شعرتُ فقط كما لو أنني حمقاء وقحة لعينة .
4- أمر طبيعي أن يكتب الرجل عن الخيانة الجنسية، في حين عندما تفعل المرأة نفس الفعلة فهذا سيندرج تحت الشٌبهة الأخلاقية.

هنا وصلنا إلى الإشكالية. أسئلة ” كيف يشعر زوجك؟” أو ” إلى أي مدى تعتبر أعمالك سيرة ذاتية؟” تعني في الحقيقة، ” هل ارتكبتِ هذه الأفعال الجنسية التخريبية؟” لذا تكون الإفتراضات والأحكام عليكِ ذات طابع جنسي. كيف ما زلنا، في 2018، نتعامل مع فكرة أن الرجال يفكرون في الجنس المحُرم كما لو أنّه أمر طبيعي وعادي، ولكن النساء – حسنًا – النساء لابد أن يكن أكثر حِشمة؟
إذا أردنا العيش داخل مجتمع لا نستغل فيه و/ أو نشعر بالخزي تجاه شخوصنا وحياتنا المهنية، فبالتأكيد يُمكننا البدء من خلال عدم التشهير ببعضنا البعض عن خياليتنا الجنسية. أو حب الإستطلاع بأن النساء قادرات بخيالهن على البدء في ذلك.

***
الرجال، تحديدًا، يعملون على صبغ الإناث بطابع الأسطورة والهدم التدريجي لروح الفنانات داخلهن. ولكن يمكن للنساء أيضًا أن يفعلن ذلك مع بعضهن البعض.
في إحدى الرحلات الصحفية الأخيرة، قالت لي امرأة أن روايتي الأخيرة، خطبة النار Fire Sermon ، كانت “مذكرات” و” طائفية” . وقالت بأن الرواية عملت كذلك على طمس الإختلافات بين الحياة والفن. وهذا رأي سيدة لم ألتقي بها أبدًا.
نعم، الشخصية تستخدم نغمة طائفية، قلت ذلك. حيث تكتب في الدفتر اليومي وفيه تتضرع وتصلي كوسائل تقوم بها لتهدئة نفسها، والتخفيف من ذنبها، ورغبتها الجارفة، وكذلك حُزنها. ربما هذا ما قصدته عن المذكرات؟ ولكن روايتي لم تكن تتناول تلك المذكرات. التدوينات في الدفتر اليومي لم تكن لي.

الليلة الماضية، قمت بعمل حوار يتضمن بعض الأسئلة مع مجموعة كتابة محلية. إحدى الأسئلة كانت من سيدة :
” أنتِ أخرجتِ الكثير من أعمالك محليًا .. لذلك هل كُل شيء تكتبيه هو سيرة ذاتية خاصة لكِ؟”
ذكرت أنني كُنت، في هذا اليوم نفسه، أعمل على مقالة حول هذا السؤال ” ما الذي يفكر فيه زوجك؟” لتقول لي حينها “وهذا ما أردت الإستفسار عنه !”

أيها الرجال، أيتها النساء : دعونا نفترض أن الكاتبة لا تحتاج إلى العيش بعيدًا عن السرد لتكتبه. دعونا نفترض بأنها تستطيع أن يكون لديها المُخيلة التخريبية و ذلك الإنتهاك الجنسي.
ودعونا نفترض بأن زوج الفنانة يشعر بالقليل من الحماقة الوقحة الملعونة بسبب الزواج منها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
جيمي كواترو : مؤلفة رواية “خطبة النار” والتي خرجت مؤخرًا، فضلاً عن مجموعة قصصية تحت عنوان ” أريد أن أٌريك أكثر” . تعيش في جبل لوكوت، في جورجيا، حيث هنالك تعمل على رواية جيدة، ومجموعة قصصية جديدة.

صدور ديوانين بالفرنسية لـ سمير درويش

$
0
0

كتب وكتاب

صدرت في فرنسا، بالتزامن مع معرض باريس الدولي للكتاب، الترجمة الفرنسية لديوانين في مجلد واحد للشاعر سمير درويش، هما: “في عناق الموسيقى”، و”مرايا نيويورك”، “Dans l’etreinte de la musique” et “Les Miroirs de New York”، عن هيئة الشارقة للكتاب بالاشتراك مع دار نشر وتوزيع فرنسية، ضمن مشروع طموح تتبناه الإمارة لترجمة مختارات من الأدب العربي إلى اللغات الأجنبية.
يذكر أن الديوانين صدرت طبعتاهما العربية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، عامي 2015 و2016 على التوالي، وقد انتهت المترجمة اللبنانية سوسن الفقيه من ترجمتهما إلى اللغة الإنجليزية، ومن المتوقع صدورهما قريبًا -في كتاب واحد أيضًا- عن دار أوستن ماكولاي الإنجليزية العريقة، التي تولت إصدار ديوانين آخرين للشاعر، في مجلد واحد كذلك، هما: “تصطاد الشياطين”، و”أبيض شفاف”.
الديوانان هما الأخيران في إصدارات درويش، وفيهما الملامح العامة لتجربته التي تنحو إلى التكثيف الشديد، واعتماد المشهدية كمنطلق جمالي، حيث يبدو الشاعر –ظاهريًّا على الأقل- ساردًا خارجيًّا محايدًا، بالإضافة إلى حضور المرأة بشكل لافت، بنفسها أو بصورها، بحيث تصنع القصائد جدلاً معها يكشف حاجة كلاهما للآخر.
سمير درويش أحد وجوه شعراء الثمانينيات، اصدر 16 ديوانًا، أولهم بعنوان “قطوفها وسيوفي”، صدر عن سلسلة أصوات أدبية التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة، وآخرها “ثائرٌ مثل غاندي.. زاهدٌ لجيفارا” الذي يصدر خلال أيام عن منشورات بتانة، كما أصدر روايتين: “خمس سنوات رملية” 2004، و”طائر خفيف” 2016، وكتاب سياسي في نقد تجربة عام حكم الإخوان المسلمين لمصر، وصدر عام 2014 عن دار دلتا للنشر.


«الفن الإسلامي في الصين».. أحدث إصدارات مكتبة الإسكندرية

$
0
0

صدر عن برنامج دراسات الحضارة الإسلامية بمكتبة الإسكندرية بالتعاون مع دار الحكمة في الصين كتاب “الفن الإسلامي في الصين”، تأليف يانغ قويبينغ وترجمة الدكتور أحمد أمين.
يتضمن الكتاب عرضًا تاريخيًّا عن المسلمين في الصين، وآثارهم المعماريةِ والفنية، والشعائر الإسلامية، وهو يعد مُدخلًا لدراسة الفنون والعمارة الإسلامية في الصين. وقد قسم المؤلف كتابه إلى ثلاثة فصول وخاتمة. يتناول الفصل الأول فن عمارة وزخرفة المساجد في الصين، وخاصةً المساجد العتيقة الأربعة؛ مثل مسجد قوانغتا في قواتغتشو، ومسجد تشينغجينغ وتربة لينغشان المقدسة بمدينة تشِوانتشو- بمقاطعة فوجيان، ومسجد العنقاء ومقبرة هوي هوي في هانغتشو، ومسجد شيانخة ومقبرة بهاء الدين في يانغتشو. كما يتناول في الفصل نفسه المساجد في شمال الصين والمنطقة الجنوبية لنهر اليانغتسي؛ مثل مسجدي نيوجيه ودونغشي في بكين، ومسجد جينغجيويه في نانجينغ، ومسجد هواجيويه شيانغ في شيآن، والمساجد الموجودة في جنيان وجينينغ يإقليم شاندونغ.
يتطرق الكتاب أيضًا إلى المساجد في قانسو، ونينغشيا، وتشينغهاي، ومنغوليا الداخلية؛ مثل مسجد شيقوان في لانتشو، ومسجد تونغشين في نينغشيا، ومسجد دونغقوان في شينينغ، ومسجدا هوخهاوته وباوتو. كما يتناول المساجد في شينجيانغ، تلك المنطقة التي تقع على حدود شمال غرب الصين، وتعتبر بوابة الصين المنفتحة على العالم الخارجي. ويعيش في شينجيانغ أكثر من أربعين مجموعةٍ عرقية، ومن هؤلاء نجد الويغور، والكازاخ، والهوي، والأوزبك، والقيرغيز، والطاجيك، والتتار، وقد اتخذ هؤلاء جميعًا الإسلام دينًا قوميًّا لهم. ولذلك فقد عرف الكاتب بكل مجموعةٍ وبمساجدها الخاصة بها.
أما الفصل الثاني فقد تناول فيه المؤلف عمارة الخانقاه، والقبة، والمزار، والضريح. كما تناول التأثيرات سواء الوافدة أو المحلية التي تعرضت لها العناصر المعمارية الصينية في العصر الإسلامي. أما الفصل الثالث والأخير فقد تضمن إشاراتٍ إلى فن الخط، والمخطوطات الدينية، والخزف، مع شرحٍ لتطور العناصر الفنية والزخرفيةِ على التحف والآثار المعمارية.
واختتم المؤلف كتابه بوضع تسلسل زمني موجز للتاريخ الصيني حتى تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949م.وقد ألحق بالكتاب الهوامش الخاصة به، والمراجع الأجنبية التي رجع إليها المؤلف والمتعلقة بالعمارة والفنون الإسلامية في الصين. كما ألحق كذلك المراجع التي رجع إليها المترجم الدكتور أحمد أمين.

20 اقتباس عن لويس ارمسترونج

$
0
0

20 اقتباس عن لويس ارمسترونج
ريتشارد هافرز
ترجمة سماح ممدوح

كان لويس ارمسترونج يحب التحدث. لقد قام بعمل مقابلات عظيمة، كتب سيرته الذاتية، سجل للنفسه وهو يتحدث عن الموسيقى، وعن الحياة، وتدخينة للمارجوانا، وعن نيو أورليانز، وتحدث عن اى موضوع يستغرق فى تخيله. لقد جمعنا أفضل عشرين أاقتباسا يخبرنا الكثير عن حياته ويخبرنا أكثر عن نفسه.
1 لقد ولدت فيما يسمى بحى الفقراء، أو كان دائما يسمى منطقة الضوء الاحمر، او الحى فقط، بالنسبة لي، وسيبقى كذلك فى ذاكرتى ماحيت. الحى لا يهدأ أبدا، أثناء الاربع والعشرون ساعة، كان دائما هناك نشاط يحدث فى مكان ما، وطوال اليوم يمكنك سماع الموسيقين من الدرجة الاولى.
2 عندما تزوجت من ديزى (زوجتى الاولى) كانت تعمل عاهرة من المنطقة المجاورة للنهر، وكثيرا من الاحيان دخلت أنا وهى السجن من جراء مشاجرات الشارع. وكان رئيسى يحضر إلى القسم ويخرجنى.
3 أول مرة غادرت فيها نيوأورليانز، ذهبت إلى شارع لويس، مع فرقة (فات) على متن قارب. وما ادهشنى أننا كانا أول فرقة اعضاءها من السود تعزف لصالح شركة(استراكفست استيمرس) للرحلات النهرية.
4 (كان هناك) على متن القارب، الكثير من الكعك، وكل أنواع النساء الجميلات فى خدمتك. وكان الموسيقين فى شيكاغو فى أوائل العشرينيات، يعاملون باحترام كامل ، وكأنهم الهة.
5 ادرك جو جلاسر، إننى استطيع العزف مع العازفين البيض! والعزف للجمهور من البيض. وعندما وقعت معه العقد لأول مرة، لم يبقينى فقط مع فرقة العزف من السود.
6 لسنوات عدة، كاد رأسى ينفجر. لان قرع عزفى عاليا جدا، كادت تفجر أذن الكلاب حتى. وقد قال لي جو جلاسر” اعزف وغنى، اعط للناس عرضا مشوقا”.
7 كنت اصنع الكعك منذ أن كنت مراهقا، وكنت اعزف مع فات ماربل على النهر، لذا حتى لو بدءت بربح مليون دولار يوميا، هذا لن يجعلنى احاول التغير لشيء مختلف.
8 ما الذى أريد ان اشتهر به؟ وهل اهتم بالشهرة؟ الجمهور وحده يحدد ذالك، هذا ليس شأني، أنا فقط اعزف، ولا يهمنى لمن اعزف، أو أين اعزف. لم يتطرق عقلى إلى هذا الشان ابدا.
9 لقد جئت من مكان ما فى الجنوب، المكان الذى لايمكن على الاطلاق وفى أى مكان فى العالم، نسيان إنك اسود.
10 شعارى هو” تغذى جيد، حافظ على صحتك، ولا تُقلق نفسك ابد بأن تكون ثريا”.
11 “أنا لا اريد مليون دولار، فلقد خدع المال الكثير من الموسيقين. حتى نسو الحياة التى يعشقونها وهى الوقفة على المسرح. أنا لا أتطلع إلى ارتقاء المراتب الأعلى، أنا فقط اقدر ما أقوم به. أعتقد أن كل ما استطيع فعله هو العزف كما أشعر.
12 عندما كان البابا يسالنى”هل لديك ابناء؟ كن اجاوب ب لا، لكنى اعمل على ذالك”.
13 أنا سعيد للغاية وأنا فى الخمسين من عمرى، ما زلت اعزف على بوقى الصغير (الترومبيت)، ومازلت استمتع بالاشياء الجميلة فى الحياة، ومازلت أحب الناس جميعا، وجميع الناس تحبنى فى كل انحاء العالم. بالنسبة لى، الجميع عائلة واحدة كبيرة سعيدة.
14 عندما أخذ الات(البوق) وابدء فى العزف، يصبح العالم ورائي، ولا اركز فى أى شيء اخر.
15 هذا الحالة من العزف، عندما اترك العالم وراءى، تشبه استدعائى لكونشرتو البيانو لتشايكوفسكى، والذى يبدو هو هو نفس اللحن فى كل مرة تسمعه.
16 احيانا اجلس امام البيت وافكر فى كل الاماكن التى زرتها انا ولوسى، فقط سمى بلدا وسنكون قد زرناها من قبل.
17 لقد اصبت كثيرا بنزلات برد، ارتفاع درجة الحرارة، حتى بعض التقرحات، لكن احيانا يجب عليك العزف حتى مع الشفتين الواهنتين وعندها سوف يؤلمك هذا كثيرا.
18 اعتقد انى حظيت بحياة رائعة، ولم احلم بشيء قط يتعذر حصولى عليه. وقد اقتربت جدا من كل شيء اردته لاننى عملت من اجله. لا احتفظ باى شيء لا يمكننى استعماله الان. لذا مازلت استمتع بكل شيء.
19 لقد كان عملى صعبا، احيانا اشعر بانى قضيت 20000 سنة على السكك الحديدية وعلى متن الطائرات. أنا احب العزف على البوق بالتأكيد لكنى ايضا احب التصفيق، لكن احيانا عندما انزل عن المسرح اتسائل، عما إذا كان من الافضل البقاء فى المنزل فى نيو اورليانز.
20 لم احاول ابدا اثبات اى شيء، كل همى كان تقديم عروض جيدة. كانت حياتى دائما هى الموسيقى. الموسيقى دائما تاتى فى المقام الاول. لكن الموسيقى لا تساوى شيء إن لم تستطيع تقديمها إلى الجمهور. المعنى الاساسى فى ذالك، هو العيش من اجل ذالك الجمهور، لان سبب وجودك هو ارضاء الناس.

عن موقع (music (discover

«أمير تاج السر» في القائمة الطويلة لـ «الجائزة العالمية للكتاب المترجم»

$
0
0

كشف أمس في أمريكا عن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للكتاب المترجم للكتب المنشورة للمرة الأولى على الإطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن بين 25 رواية متنافسة في القائمة ينافس الروائي السوداني أمير تاج السر برواية إيبولا 76.

من شروط الجائزة أن لا يكون الكتاب سبق ترجمته، حتى لو كان مكتوبا منذ عقود مضت وحتى لو توفي كاتبه!، وسيتم الإعلان عن المتأهلين للتصفيات النهائية في 15 مايو. وسيتم الإعلان عن الفائز في 31 مايو.

وعن رواية إيبولا  كتب جين حوشام، في الجارديان:”إيبولا 76 صورة ساخرة مظلمة لتفشي الإيبولا في السبعينات من القرن العشرين في الكونغو والسودان. إن المسرحية الساخرة والمأساوية تتحول في طريقها من مقابر كينشاسا إلى المصانع وبيوت الدعارة والمجتمعات المحلية في جنوب السودان، حيث يختار المرض ضحاياه من بين شخصيات الرواية النابضة بالحياة والغريبة.

يشبه إيبولا، مثله مثل الاوبئة المروعة في العصور الوسطى، موكبًا من البؤساء إلى القبر، لكن ازدراء تاج السر الواضح لشخصياته يسرق روايته للتعاطف ويترك القارئ غير مبالٍ لمصير لويس، عازف الجيتار العمياء رواضي، الساحر المغسول والباقي. إن التعاطف ليس الطريقة الوحيدة الممكنة لمثل هذا الرعب، ولكنه الاستجابة الطبيعية لكثير من القراء وقد نشعر بعدم الارتياح بدونها”.

وينافس في القائمة الطويلة أيضا، رواية «سفاح القربى» مترجمة من الفرنسية، بقلم كريستين أنجوت، و«سوزان»، مترجمة من الفرنسية، كتبها أنايز باربو لافاليت، و«البوصلة»، مترجمة من النرويجية، ماتياس يارد، و«بيرجينرز» بقلم توماس اسبيدال، و«ثوماس»، جونسون مترجم من ايسلندا، و«الجزء المبتَكر»، من الاسبانية، بقلم رودريجو فريسان، و«العودة إلى وادي الظلام»، مترجم من الاسبانية، بقلم سانتياجو جامبوا، و«المحبة»، مترجم من الفرنسية، و«مصنع التقديم القديم»، مترجم من الالمانية، ولف جانج هيلبيج، و«انا شقيق اكس اكس» مترجم من الايطالية، فور جيجي، و«يجب أن تكون على اليسار»، مترجم من الالمانية، لدانييل كييلمان، و«مطاردة ملك القلوب»، بقلـم حنا كرال ، ترجمت من البولندية، و«ما وراء حقول الأرز»، مترجمة من الفرنسية، التي كتبها نايفو، و«قلبي»، كتبها هيمد ان، مترجمة من الفرنسية، ىو«نظريات وحشية»  مترجمة من الاسبانية، ل بولا أولوياراك، و«أغسطس»، ترجمت من الاسبانية، رومينا باولا، و«الساحر فيينا»، من الاسبانية، سيرجيو بيتول، و«قمة الحرقف»، من الاسبانية، كريستينا ريفيرا غارزا، و«حمى الحلم»، من الاسبانية، سامانتا شويبلين، و«الجرس الأخير»، ترجم من الالمانية، وهانس أورزيديل، و«إشعاع ترمينوس»، ترجم من الفرنسية، أنطوان فولودين، و«بقايا الحياة»، من الصينية، وو هو، و«إلى إيزابيل ماندالا»، من الايطالية، أنطونيو تابوتشكي، و«جاتشار جوتشر»، من الهندية الكانادا، فيفيك شانباج.

سؤال كليشيهي: لماذا تترجم؟

$
0
0

تقرير: أحمد أبو الخير

 

 

 

Ahmed Abo Elkheir

هناك مثل شعبي مصري يدور على الألسنة، أحيانًا يُمكن سماعه في مواطن لا يقال فيها، لا تمت له بصلةِ، ولكنها عادة غير مُنفكة، حيث يعمد العقل الفردي على إقحام أمور لا علاقة لها ببعضها داخل نفس النسق، المهم أنّ ” كُل شيخ وله طريقة”، كل إنسان في هذا العالم الفسيح، له طريقة في المشي، لكنة أو لازمة له عند الحديث، تعبيرات وجه خاصة به وفقط، وتصرفاته إزاء مواقف بعينها في هذه الحياة.
الكُتاب شيوخ، رٌسل، أنبياء؛ لأنّ منهم من يُريد تغيير دفة الكون للأفضل، وتوجه الناس للأحسن، ولكن مثلما أخبر الشاعر النمساوي لوركا الشاعر الشاب في رسائله، وحثه على الحفر والنبش داخل سراديب عقله؛ ليُحاول الإجابة عن هذا التساؤل ” هل يجب عليّ أن أكتب؟”، أي أنّه كان يُحاول دفعه إلى معرفة ماهية الكِتابة عنده، وموقعها داخل ذاته.
مثلاً عندك سوزان سونتاج في حوار أجرته قديمًا مع المجلة الباريسية قالت عن الكِتابة “ما كُنت أريده بحق هو جميع أنواع الحياة وحياة الكاتب بدت أحوى الأنواع”
أما الشاعر نزار قباني له قصيدة تحمل عنوان لماذا أكتب؟ يُجيب بها عن هذا التساؤل، يفكك فيها آرائه:
” أكتب ..
كي أفجر الأشياء، والكتابة انفجار
أكتب ..
كي ينتصر الضوء على العُتْمَةِ،
والقصيدة انتصار.”
أما الوجودي جان بول سارتر قال عنها ” الكتابة شغف غير مٌجدٍ”.

هذا حال الكُتاب، ولكن ماذا عن المُترجم؟. المُترجم يبذل جهد مثلما يبذل المؤلف الكاتب جهدًا، الجهد في فهم المعني، وإدراك النص، واستيعاب المقاصد؛ لتوصيلها للقاريء كما هي، بنفس الروح التي كانت به. إذا فلماذا يُترجم المُترجم؟ ما الذي دفعه لذلك؟ هل كانت تسيلة؟ أم مصلحة مثلاً؟ أن أن قوة كونية دفعته وأجبرته على السر في طريقِ الترجمة؟ أم ماذا؟وهذا ما توجهنا بسؤاله إلى بعض المُترجمين.

الترجمة محبة ومتعة
تتحدث المترجمة والأكاديمية الدكتورة أماني فوزي حبشي عن الترجمة فتقول عنها أنّها فِعل محبة، فهي تُحب مشاركة ما تقرأه ونال استحسانها مع الآخرين، وبالتالي تترجم، وتذكر في هذا السياق حكاية قيامها بترجمة رواية “اذهب حيث يقودك قلبك” لـ سوزانا تامارو؛ لأنّها أرادت أن تشارك بها مجموعة من الأصدقاء، فهي قرأتها واستمعت بها، والترجمة عندها مثل الاستمتاع بتناول وجبة شهية، وكما يقول المثل “الأكل بيحب اللمة”، وهي أرادت أن تزيد المتعة بمشاركة الآخرين، وخصوصًا عندما يكون الآخرون هم الأصدقاء.
وتضيف مترجمة أعمال أمبرتكو إيكو ولويجي بيراندللو، وكالفينو:
” الترجمة- بالنسبة لي- هي الشيء نفسه. عندما أقرأ رواية ما، أشعر بتلك الرغبة أن[يتذوقها] معي شخص آخر، أن يستمتع بما استمتعت به. في البدء كان هذا هو السبب الرئيسي، ومنه بدأت الاستمتاع بما أفعل.”
أما مُترجمة أعمال من دول شتى كبلجيكا ومقدونيا وتركيا، ريم داوود، ترى أن الترجمة بالنسبة لها هي متعة كبيرة؛ لانّها تعمل على بث روح الرضا داخلها، وكذلك تساعد القاريء على التعرف إلى عمل جيد وتكمل حديثها فتقول:
” وبخلاف تقديم للقاريء عمل جيد كُتب بلغةِ لا يُجيدها، فأنا كذلك أكون حلقة وصل بين المؤلف والقاريء المُتعطش للمعرفة والفهم في كافة مناحي الحياة.”

الترجمة هي نفسي نفسي

مبدأ المصلحة ونفسي نفسي كان الدافع الرئيسي للمترجم عن اليابانية ميسرة عفيفي في الدفع به لميدان الترجمة الأدبية، فالدافع الأول بالنسبة له كان شخصيًا جدًا، لأنّه كان يُترجم أول رواية وهي رواية “الكسوف” والتي نٌشِرت فيم بعد من خلال المركز القومي للترجمة؛ لكي يفهم النص، وفكرة النشر لم ترد في ذهنه مطلقه.
ويتابع ميسرة فيقول:” وربما يكمن سبب استمراري في الترجمة هو عدم وجود آخرين يقومون بهذا الدور، على الرغم من وجود الكثيرين أقدر مني على الترجمة من اللغة اليابانية بحكم دراستهم وبراعتهم في هذه اللغة، ولكن حِيل بينهم وبين حقل الترجمة الأدبية، وإنّ وُجدت الترجمات للادب الياباني فهي من خلال ترجمة وسيطة؛ لذا وجدت ضرورة لاقتحام ميدان الترجمة.”

في حين يرى المترجم الشاب راضي النماصي أن هنالك داخل الأنا الشخصية للفرد دافع إلى الإبداع في مجال الكِتابة، ويرى أن الترجمة أكثر أنواع الكِتابة ارتباطًا وثيقًا بالتعلم والتثقف، وبالتالي إنّ لم تكن الترجمة متقنة، إتقانها نابع من وعي المُترجم وإدراكه لأبعاد النص، فهذا يدفعك إلى قراءة كِتاب أو اثنين لأجل التشبع بروح القصيدة أو القصة التي لم يستطع المُترجم توصيلها إليك.
ويضيف راضي:
” ولأنني أحب القراءة والكِتابة، أرى أن الترجمة من تأخذ بيدهم للتميز من خلال العمل الجاد والمستمر والمتفاني في عملية الترجمة.”

الترجمة استمتاع ومشاركة

أما المُترجم عاطف محمد عبد المجيد يرى أن الترجمة بالنسبة له للإستمتاع بنصوص الآخرين كقاريء في البداية، بالطبع، نصوص هؤلاء الذين يختلفون عنه في كُل شيء. ثم يعمل على ترجمة هذا الذي استمتع به للقاريء؛ لينقل له هذه المتعةِ، ويحثه على قراءة نص قد يختلف عمّا اعتاد على قراءته من نصوص.

في حين أن المُترجم عن الفارسية، غسان حمدان، يُترجم لأنّه يُحب المشاركة، يُحب ألا يستمع بنفسه، ومتعته مع الغير. وهو كمترجم صاحب علم، وعلمه المتخصص به هو اللغة أو المعرفة بثقافة وفكر البُلدان الأخرى، وبما أن المؤلف يقطع جزء من روحه ويقدم كِتابته، فهو – كمترجم – يفعل مثلما يفعل المؤلف، بل ربما يزيد عليه.
ويضيف مُترجم الأعمال القصصية الكاملة لصادق هدايت:
” إن المُترجمين مثل العلماء الذين يقدمون بحوثهم للعالم، يقدمون الثقافات الأخرى، من الضفاف البعيدة لمواطنيهم، المُتمثلين في القُراء المُنتظرين للمتعةِ.”

الترجمة التقاط وشغف
يرى المُترجم الصحفي أحمد ليثي أنّه لا تُوجد إجابة مُعينة بخصوص لماذا يُترجم، ولكن يرى أن المتعة يجدها عندما يُترجم، وفي هذا الصدد يقول:
” أجد لذة واستمتاع عند التقاط المفردة المناسبة، ومتعتي الأكبر، هي في نقل نص من عالم لآخر، نص لم يكن يعرفه ولن يقرأه قاريء ما في لغته الأصلية، ودراستي الأولى حيث الفلسفة لها علاقة بالترجمة أو بالادب أو على نحو أعم بالكِتابة. وفي نهاية المطاف صارت الترجمة هي المهنة التي أتكسب منها.”
في حين المترجمة عن الصينية، يارا المصري، تقول عن الترجمة في عبارة مُوجزة أنها شغف وهواية، عمل ومُتنفس، حالة تعيشها مع كُل نص تترجمه.

Viewing all 19 articles
Browse latest View live